اكتشاف

اكتشاف

اكتشاف

 صوت الإمارات -

اكتشاف

بقلم : علي ابو الريش

نكتشف أنفسنا عندما يحتلنا الغضب ويحتوينا، ويمضغنا ويقذفنا في وجه الآخرين مثل نوى البلح، أو مثل غضاريف تالفة. هنا يبدو لنا القصور الذاتي، والعجز والتلاشي، والاضمحلال والضمور والثبور، وتفتت الجدران الداخلية، وتشقق قماشة الذات، ونحول العظم في الهيكل العام للنفس.
الغضب مثل الموجة التي تعري السواحل، الغضب مثل الريح التي تنحت الجبال، الغضب مثل الشلال الذي يقلب الصخور رأساً على عقب.
عندما يجتاحنا الغضب، نصبح عراة، حفاة، ونخرج إلى العالم مثل الأسماك التي يلقيها الهدير على الشطآن، جامدة، هامدة، خامدة، راكدة، مسهدة، غارقة في سكونها محترقة في صهدها.
الغضب هو المنجل الذي يحرث أرضنا الداخلية، ويخرج منها كل الحثالة والنفايات، ويجعلها عارية من المضمون، يجعلها خالية من المحتوى.
الغضب هو حقيقتنا، وهو نحن من دون رتوش، أو نقوش، الغضب هو نحن بلا مساحيق تجميل، ولا إعادة تدوير، ولا تزيين، ولا تضمين.
نحن في الغضب نصبح كائنات عشوائية، جاءت إلى العالم بمحض الصدفة، ولكنها بفعل فاعل، ارتكبت فعل الفاحشة، عندما كذبت وأذنبت، واختلست من الوجود، ما يخفي العورة، وما يخبئ التشويه في معطف الخديعة.
الغضب كتلتنا السميكة التي تُزال حين تصطدم النفس بما يحيق بها، وتُحرق أعواد الغضب لتفسد الصفو، وتبعث بالدخان الكثيف إلى السماء، فتعمي الطيور، لتسقط مغمي عليها وتصبح فرائس للضواري.
الغضب هو القدرة الفائقة التي تستجلي ما بداخلنا، وتكشف عن معدننا، وتفصح عن كينونتنا، وتسفر عن مضموننا. الغضب عندما يكشر عن أنيابه الحادة يزيح عن وجوهنا الألوان البراقة التي نطلي بها سحنتنا، وهو الذي يغير من مجرى التيار ويجعله عاتيا شديد المراس.
الغضب عندما لا تصده نفس لوامة فأنه يعيث فساداً في العقل، ويجعله مثل عجلة خربة تنزلق إلى الحضيض بلا هوادة ولا رحمة. الغضب عندما لا تحده قوانين الشكيمة، فأنه يصبح مثل كتلة النار التي تنزل من علو شاهق على رأس عارية.
الغضب عندما لا تعترضه قيم ولا شيم، فإنه يبرز ناب الوحش الضاري، ويختزل عمر الإنسان في هزيمة منكرة، تغير معالم تاريخه من الأبيض إلى الأسود.
الغضب كائن بغيض، تتسلح به النفس المريبة، وتجعله سلاح الأضداد المميت.
الغضب حتى يختفي أثره، يحتاج إلى عقل مثل النهر الصافي، وروح مثل لون الوردة، ونفس من شفافية جناح الفراشة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اكتشاف اكتشاف



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates