بقلم : علي أبو الريش
في الثقافة، الإمارات منبر ومسبر، هي في الأصل منطقة من شعاع يرسم في البقاع، صورة الإنسان الأعلى، الإنسان المجلل بعطر الوعي، وزهر السعي إلى فضاءات تتسع الألوان كلها، وتمنح العيون البريق الأنيق.. وما جائزة البردة التي أطلقتها وزارة الثقافة وتنمية المعرفة منذ أربعة عشر عاماً، وهي الآن في ريعان الزهو والازدهار، مضاءة بصدق الذين يمنحون الثقافة
بذل الأنهار وجذل الأزهار، هي الآن الجائزة الأرفع في العالم العربي، أولاً لارتباطها بمولد النبي الشريف، وثانياً لأنها تخرج من معطف اللغة الأم، وتنبثق من رضاب الشفاه الندية، ومعها تحمل رائحة الصحراء وترابها النبيل.. وخلال عقد ونيف حققت الجائزة صوتاً وصيتاً، وتربعت على عرش السمعة الطيبة، بفضل الذين يرعون سماتها، ويسقون جذورها من ماء التعب
والجهد والبذل السخي. هذه الجائزة أصبحت الآن محط أنظار المبدعين في العالم، يسعون إلى شرف نيلها، ما يجعل المنافسة شرفاً لكل مبدع، وكل ذي موهبة حقيقية، ولأن الجائزة تصدر من الإمارات، فإن المصدر الموثوق يجعل من له ملكة الإبداع، يضع يده في الماء البارد، ويزخر في حروفه من غير وجل أو كلل أو ملل.
لأن الجائزة تصدر من الإمارات، فإن المحيط الثقافي يفتح شفتي الموجة، لتصدح وتصرح، وتكدح، وتمنح الزعانف ألوانها البراقة، ولعيون الطير تهدي لمعة الحياة الزاهية.
هذه الجائزة نخلة الإمارات، تهدي الرطب الجني للعالم، ولكل مبدع محب للحياة، شغوف لأن تكون السماء الكونية صافية، ونجومها بلون القلوب التي تدعم هذه الجائزة وتعزز شأنها وتعلي من قيمها، وتوسع من حدقة عطائها.
هذه الجائزة، جنين الصحراء عندما تتجلى في العطاء، وتذهب إلى الفضاء، لتشكل وحدة الوجود، وكلية الحياة التي لا تتجزأ ولا تنفرق إلا عندما تخلد الثقافة في السبات العميق.
هذه الجائزة، تزخرف أحلام المبدعين، من شعراء وحروفيين ومزخرفين بمنمنمات أزهى من النجوم، وأخرى من الغيوم، إنها الضوء الإنساني عندما يطوق بالحب، إنها النث الإنساني عندما تمتلئ النفوس بأعشاب الحياة. هذه الجائزة القافية في القصيدة، والنقطة على الحرف، واللون على صفحة الفؤاد، إنها الحالة القصوى في إرواء الأرض الإنسانية بالقيم التي لا تنطفئ.. الشيم التي لا تختبئ.. إنها قيم الثقافة وصفاتها وسجاياها وطواياها وثناياها.
جائزة البردة، المكانة في وزن القصيدة والرزانة في قافيتها، والأمانة في رعاية أحلام الإنسان.
المصدر : الاتحاد