بقلم : علي ابو الريش
أحلم بأن تختفي خلايا الإرهاب من العالم، وتصحو خلايا نحل ترشف العالم بعذوبة الحياة، وترسم على وجوه الأرامل والأيتام والمشردين ابتسامة فرح وسرور.
أحلم أن تتحول صواريخ الموت إلى ألعاب نارية تنشر السعادة في القلوب، وتسفر عن انتصار مبين على الكره والحقد.
أحلم بأن تصبح القاذفات المدمرة، فراشات تلون حياة الناس بالحبور، وتهفهف أجنحتها على جرحى الحروب. أحلم أن تصبح دبابات القتل غزلاناً برية تشيع السلام والمحبة والأمن والاستقرار.
أحلم أن يرمي مخططو الحروب أقلام المؤامرات، ويمتشقوا ريش التلوين ليرسموا لأطفالنا صورة عالم جديد تؤمه سحابات مطر تروي أرض الله، وينبت الزهر والشجر، وتحلق الطيور في السماء محتفية بعصر التنوير الإنساني، وتتلاحم تضاريس الكرة الأرضية كما هي الأنهار والبحار.
أحلم أن يصحو كل إرهابي في صباح يوم أغر، ويعلن توبته، ونبذه كل ما يشيع الرعب في صدور الأبرياء والناس الآمنين.
أحلم أن تغادر كل النظريات الحمقاء هذا العالم، ويعلن المتطرفون براءتهم من ماضيهم الأسود، ويعود كل مشّاء بنميم إلى رشده لينعم الضمير البشري بالسكينة والصفاء وهدوء البال.
أحلم أن يعي كل طائفي متزلف أن الانتماء إلى الطائفة ما هو إلا انحراف نحو التشققات في جدران الوطن، وانهيار جبال الجليد وإغمار الأرض بسيول طوفانية مدمرة.
أحلم أن يعود العالم برمته إلى مقولة جان جاك روسو (لو اكتفى الناس بما يمليه القلب، لما احتاجوا إلى كل هذه النظريات، وانتموا جميعاً إلى دين واحد) أحلم أن ينتمي الناس جميعاً الحيرة، لأن في جوفها يكمن السؤال الأزلي، وهو لماذا هي الحروب؟. أحلم أن يفكر كل فرد في الوطن أن الأنا عندما تتورم تصبح داءً سرطانياً لا شفاء منه، ونهاية الإنسان هي المكان الموحش.
أحلم أن يفهم كل إنسان أن الحب هو الشيء الوحيد في هذا الكون لا يشترى، وإنما هو معطى فطرياً يتبوأه الفرد عندما يتحرر من الأنانية، ويدخل في واحة الانفتاح على الآخر من دون شروط، ومن دون تصنيف، ومن دون تلوين، ومن دون تضمين، ومن دون تخمين، الحب هو هكذا يأتي من دون مساحيق تجميل، هو يأتي لأن الذات مشرعة النوافذ على الخارج. أحلم أن يتخلص الناس من قول أنا، ويتجهوا نحو نحن.
أحلم أن تتحول الغابة البشرية إلى بستان، تعمه الطيور والزهور، وسكانه من كائنات بلا تاريخ ولا أحداث، ولا قصص خرافية، ولا هواجس وأحزان الغالب والمغلوب.
أحلم أن تشرق شمس يوم، والشاشات الفضائية مزينة بصور النعيم البشري وابتسامات الأطفال.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد