كن بأخلاق الغاف

كن بأخلاق "الغاف"

كن بأخلاق "الغاف"

 صوت الإمارات -

كن بأخلاق الغاف

بقلم : علي أبو الريش

شجرة «الغاف» شجرة الخلود، واللانهائي، إنها الشجرة التي تقف في وجه الصعوبات، فهي برغم صغر حجم بذرتها، لها مقاومة لا تقهر من أجل البقاء. لا أحد يسقي هذه الشجرة، ولا أحد يمدها بالسماد لتنمو، ولا بستاني مارس الجهد الضروري لهذه النبتة كي تنمو، ومع ذلك فإنها تحيا وتترعرع، برغم كل الظروف الصعبة. إنها تحول معاناتها إلى فرصة، كي تشق أرض الصحراء وتنمو، فتصبح شجرة مترفة، تدلي خصلاتها، كي تهنأ الركاب من التغذي على أوراقها الندية.

إن شجرة الغاف توحي لنا بما قال عنه شوبنهور «الجهد، والكفاح ضد الصعوبات هو نبش الأرض، طبيعي للخلود، وأن تقهر الصعوبات يعني أن تجرب بهجة الوجود كاملة».

هذه الشجرة الخيرة، هي مثال للمخلوقات التي تعطي من أجل خير الآخرين، ومن أجل أن يصبح الوجود جميلاً. فعندما تكون قيم المخلوق مبنية على أسس الصمود في وجه العواتي، وعندما تكون أخلاقه هي من أخلاق السمو والرفعة، فإنه يصبح خالداً، ويصير الوجود في حضرته موئلاً للتكامل بين عناصره. 

ونقل عن بنيامين فرانكلين قوله: «حين تكون خيراً من الآخرين، فإنك تكون أخير لنفسك». الإنسان العدمي هو في الجوهر آكل لحم جسده، هو قاتل لنفسه، ومن يفجر نفسه لقتل الآخرين، هو في نهاية الأمر يقتل نفسه، هو حليف للموت، مضاد للحياة، هو ميت لم يتم دفنه، وهكذا فالأحرار هم الذين يحبون الحياة، ويعشقون رمل الصحراء برغم حرقتها، لأنها تعطيهم فرصة البقاء بعد مقاومة، وكفاح من أجل الحياة.

الذين يعيشون تحت السقوف الخفيضة، لا يحبون العلو مثل شجرة الغاف، التي تعلو على الأرض، وترتفع من أجل السمو، الذين يحبون المنخفضات الأرضيّة، هم الذين تعلقوا بالإجابات الجاهزة، ولم يتعلموا كيف يقطفون من السماء نور نجومها، فناموا بين الحفر، حتى تآكلت أفكارهم وأصبحت من نفايات الماضي، ولم يجدوا من وسيلة للهروب، سوى البطش بأجسادهم، هؤلاء هم السوداويون الذين تحدث عنهم فرويد، فهم عصابيون إلى درجة العدمية، اكتئابيون إلى درجة الفناء الداخلي. علاقتهم بالواقع، كعلاقة الريح بالشجر، قصف، وخسف، ونسف، وعبثية لا نهاية لمخالبها المدمرة.

إنها فقط خصائص شجرة الغاف، التي تلهمنا كيف تكون العلاقة التفاؤلية ما بين المخلوق والحياة، التي تطوقه بكل مقومات النجاة من التشاؤم.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كن بأخلاق الغاف كن بأخلاق الغاف



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates