بقلم : علي أبو الريش
تتأمل المشهد، فتقع عيناك على فسيفساء ومنمنمات من وجوه عنوانها الابتسامة، وفحواها التسامي بالحب، ورسالتها الانتماء إلى عالم بلا حدود، ووجهته فضاء الأبدية.
هكذا تبدو الإمارات في الصورة، وهكذا تنمو شجيراتها عبر تربة مخصبة بالوعي مرتوية من ماء التاريخ، ومن عبق الذين رسموا الصورة جلية، وبلا رتوش، ولا خدوش، هؤلاء الذين أسسوا للحلم صرحاً، وللحياة منهجاً، وللإنسان موئلاً، لا تذروه ريح ولا يهزه ظرف، إنه الإنسان الذي انغمس في الوطن، مثلما يذوب السكر في الماء، مثلما تنتمي الزهرة إلى الجمال، مثلما تنسجم الموجة مع تغريد الطير.
تتأمل المشهد فترى زهرة السوسن تغرق بشذاها الأنفاس والإحساس تصبح أنت النسيم المعبق بعبير الإرادة، تذهب إلى الحياة ممتلئاً بالحيوية، تصل إلى الشارع تفعم بالمودة تنعطف إلى جادة أخرى ترى الناس مثل طيور جاءت تطلب الدفء وتنشد الاسترخاء بعد تعب.
تتأمل المشهد، فتقرأ دفتر الواقع قصيدة عصماء أصبحت مع الزمن أنشودة خلود يتبادلها الناس جميعاً من كل حدب وصوب، ويتلون أبياتها بشغف ولهف ولا كلف لأن الحب هو سيولة المعاني، هو القاسم المشترك يجمع القلوب على تضاريس رسمت هكذا لتكون السماء الواقية، والنجمة اللامعة، والقمر اللجين، يسطع ويملأ الوجدان البشري رشفات العذوبة، ويلون الحياة بالسعادة، ويذهب بالعيون نحو غايات التسامح، ويفضي إلى زمن لم يتكرر في تاريخ البشرية.
تتأمل المشهد وقلبك يرف طرباً كجناح طير مده الهوى بشراع السفر البعيد، نحو آفاق لم تطلها يد ولم تصلها عين، إنك أنت العاشق تنتشي بالجمال وتصبح على الأرض فراشة ملونة بالانتماء إلى بلد أصبحت ملاذ العشاق، ومأوى الأحداق، وموئل الأشواق، ورقية الذين لفحتهم مآسي الزمن، وأحداث ما قبل الوعي.
تتأمل المشهد وعيونك معلقة في المستقبل، تتهجى حروف الحاضر، ثم تكتب ما يتجلى في الخاطر، وما يجوس في طيات الفكرة تكتب وتكتب والإمارات كتاب مفتوح ومعنى مشروح، ودليل منقوح، ولا شيء يحتاج إلى التأويل، فقط هم الكارهون الذين يغطون في أوحال العبارات المقلوبة، والجمل المحترقة في مواقد الحقد.
الكارهون وحدهم الذين لا يرون، بل هم يمضون كالعميان تحت لظى كراهيتهم، ويمشون على أشواك عدميتهم.
تتأمل المشهد وتسعد بالفضاء الرحب، وشفافية المعطى، واستثنائية المنجز، وعملقة المشروع، وقوة العلاقة ما بين الإنسان والإنسان وتشعر وكأنك في بستان أزهاره بشر يلونون الحياة بالحب، ويكتبون قصيدة المستقبل بحبر الوفاء للأرض المعطاء.
نقلا عن الاتحاد