الإنسان والأسطورة

الإنسان والأسطورة

الإنسان والأسطورة

 صوت الإمارات -

الإنسان والأسطورة

بقلم : علي أبو الريش

نخطئ لو تصورنا أن عصرنا هو عصر الحداثة الصرفة، والتي هجر فيها الإنسان الخرافة، ونبذ الأسطورة، على العكس تماماً، فما زال هذا الإنسان الحديث يئن تحت وطأة أثقل الخرافات فجاجة وسماجة، ولم يعد ذلك الإنسان الصافي كما نعتقد ونتصور، لأن الأمر لا يتعلق بمدى ما يتمتع به إنساننا من تقنيات حديثة، وإنما هو ذلك التعلق التاريخي بما هو غريب ومبهم ووهمي.
الإنسان اليوم انتقل فعلياً من بدائية الآلة إلى الحداثة، والرائقة جداً، ولكن كما قال فرويد: إنه الإنسان الحديث الذي ما زال يحتفظ بجزئية إنسان الغاب، والدليل أن هذا الإنسان المتطور مازال يحتفظ بوعيه الواسع بما تخبئه له الصباحات الباكرة من مستجدات، والموضة، واليانصيب، والمقامرات، وألعاب البهلوان، كل ذلك هو نسيج مطاطي متمدد من زمن البدائية إلى زمن الحداثة، فعندما نجد الإلحاح على وسائل التجميل الصناعية، وتنكرية الملامح والخصائص الجسدية، والسعي حثيثاً نحو الصرعات، هي في النهاية جزء لا يتجزأ من الخرافة التي يطبعها العقل على الإنسان، لتصبح سلوكاً اعتيادياً لا مفر منه. فالآن تشكو بعض النساء من غزو الفشنستا، أسواق الدعاية، وهذا يعتبر حرباً ضروساً على الحياة الزوجية، فليست كل نساء العالم يمتلكن القدرة على أن يصبحن فشنستا، الأمر الذي يضعهن بين خيارين، فإما أن يكن كذلك، أو يصبحن مهددات من قبل أزواج عيونهم محملقة دائماً في الفراغات المدهشة. وهذا في واقع الأمر يجعل من خرافة القرن الحادي والعشرين، أمثولة لا تقارن بخرافات القرون السابقة. إذن نحن أمام ظواهر تحوّلت إلى أساطير وخرافات اجتماعية، لا تحتاج إلى معالجات سطحية بقدر ما تحتاج إلى غرس طيب، مبني على تربية اجتماعية يساهم فيها ذوو الاختصاص، والذين لديهم القدرة على تقصي الفعل والفاعل، والتفاعل مع الحدث الكبير بما يلائم حجمه وأهميته بالنسبة للمجتمع.
فالخرافة لا تطارد بالخرافة وإنما بضدها، وضد الخرافة ليس نكرانها، وإنما مجابهتها بعقلانية مبنية على معطيات الفكر المتحرر من الحوارات المبتورة، والمتجرد من النقاشات الأشبه بصورة «بابا درياه» في أذهان الأطفال.
نعم نحن ممتلئون بأشكال الخرافة المتخلفة، ولذلك نحن بحاجة إلى معالجات منطقية وليس صراخاً يتبعه نحيب وعويل.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان والأسطورة الإنسان والأسطورة



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 11:31 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 21:36 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 16:17 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

خطوات تنظيف "خشب المطبخ" من الدهونوالأتربة

GMT 15:54 2015 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 4 ألوان يمكن أن ترتديها في مكان العمل

GMT 14:13 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة البطل محمد سعد بعد تمثيل مصر في المسابقات الدولية

GMT 08:00 2012 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

وثائق ويكيليكس وأسرار الربيع العربي

GMT 16:20 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"أبوظبي للسياحة" تطلق معرض "أبعاد مضيئة"

GMT 13:20 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هطولا للأمطار الرعدية فى السعودية الجمعة

GMT 18:49 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

لوحات ضوئية عكست حالات إنسانية ووجدانية في معرض أبو رمانة

GMT 01:53 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

Falcon Films تقدم فيلم "بالغلط" من بطولة زياد برجي

GMT 14:42 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تشيلسي كلينتون تتألق في معطف أنيق باللون الأسود

GMT 00:17 2022 الخميس ,15 أيلول / سبتمبر

إيران... لا خطة «ب»

GMT 09:44 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates