العقل مصدر الأخطاء

العقل مصدر الأخطاء

العقل مصدر الأخطاء

 صوت الإمارات -

العقل مصدر الأخطاء

بقلم : علي أبو الريش

يقول الفيلسوف الرواقي لوكريتيوس، إن مصدر الخطأ هم الناس، وليس الحواس فلا تلصق هذه التهمة بالعين، فالعقل هو المخطئ.
فعندما ننظر إلى مبنى عن بعد، ونقول إنه مربع الشكل، ثم لما نقترب منه فنراه دائري الشكل، فإننا في المرة الأولى عكسنا ما يختزن في ذاكرتنا عن المبنى دون أن ننظر إليه كما هو في الواقع، ولكن عندما نقترب من المبنى نجد أن العين تكذّب العقل، وتفصح عن حقيقة عدا الشيء.
وفي كل الأحوال، نحن نقدم تعريفاً للأشياء عن طريق العقل، والعقل لا يعمل بمفرده، وإنما هناك قوى أخرى، وأحياناً تبدو خارقة، هي التي تصور لنا الأشياء كما تراها هي، وكما يُتخيل لها، مأخوذة في ذلك بتناقضات الداخل المفعم بمجموعة من الألوان المختلفة من المؤثرات، والقوى النفسية المتصارعة في هذا العقل الذي يشكل مخزن التاريخ، وصندوقاً أسود يحتوي على أسرار ربما تعود إلى ما قبل الميلاد، كون الجنين يتعاطف مع ما تشعر به الأم، وما يجري لها من أحداث خلال فترة الحمل، وقد أثبت العلم ذلك عن طريق جس الموجات الصوتية التي يحدثها الجنين في أحشاء الأم.
فالعقل يخطئ، ويسدد مجموعة أخطائه لتبدو حزمة لا واعية عكس ما يحدث في الواقع، لكن الإنسان يعتمدها كمسلمات جاءت من العقل، وطالما اعترف بها العقل، لأنه لا سبيل للإنسان إلا أن يصدق عقله، فليس له عقل آخر يستند إليه، ويطلب منه المشورة.
والمؤسف أن هذا العقل في كثير من الأحيان تتنازعه قوى اللاوعي التي تذهب به إلى مناطق بعيدة عن الحقيقة، وهي مناطق لها جذورها العاطفية والثقافية، فمثلاً قد يرى شخص كاره، وفي حالة نفسية مزرية، شكل امرأة جميلة، ويقول عنها هذه المرأة قبيحة إلى حد التقزز، فهنا لعبت المشاعر السوداوية، دوراً في تغيير الصورة، من واقعية إلى لا واقعية، وقد تقول عن شخص إنه إنسان فاضل ومحترم، بما يتصف به من قيم أخلاقية عالية، وعلى أسلوب تعاطيه مع أقرانه، ولكن قد يأتيك شخص وينفي كل ما يتصف به ذلك الشخص من قيم، وينعته بأقذع الصفات، ويصمه بالعجرفة والتكبر، وسوء السلوك، ولا ريب أن ما يتلقى هذا الشخص من حديث عن الشخص المذكور، إنما هو نابع من نوازع العقل الذي اختزن كمية وافرة من الأفكار عن ذلك الشخص، فألقى بها على الرصيف، لتصبح حقيقة بالنسبة له، لأنه أراد أن يفعل ذلك لغاية في نفسه، ولتحقيق أغراض نفسية، ولربما أنه يكره هذا الشخص، أو لغيرة في نفسه من هذا الشخص، تتعلق بالمنافسة على منصب، أو مكانة اجتماعية.
فلا داعي للقلق عندما يصفك آخر، بصفات ليست فيك، فكن أنت، ولا تنظر إلى مرآة الآخر، فإنها متسخة بالغبار. 
واسعَ إلى تحقيق ذاتك من خلال صفائك الداخلي، فهو المرآة الحقيقية التي تمنحك الوضوح، فترى عينك العالم كما هو، وليس كما يراه العقل المشوش.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقل مصدر الأخطاء العقل مصدر الأخطاء



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:34 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 15:30 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

إعصار الهند وسريلانكا يحصد مزيداً من القتلى

GMT 18:33 2018 السبت ,17 شباط / فبراير

"شقة عم نجيب" تُعيد هبة توفيق إلى خشبة المسرح

GMT 10:31 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

فورد F-150 تحصل على محرك ديزل لأول مرة

GMT 05:57 2017 الأحد ,17 كانون الأول / ديسمبر

أحمد خالد أمين يوضح أن هنادي مهنا أول مولودة له كمخرج

GMT 06:17 2013 الأربعاء ,27 شباط / فبراير

صدور رواية "دروب الفقدان"للقاص عبد الله صخي

GMT 14:11 2013 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

" ميّال" رواية جديدة للروائي السعودي عبدالله ثابت

GMT 20:20 2014 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

صدور كتاب "الأمير عبدالله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود"

GMT 21:49 2013 الأربعاء ,15 أيار / مايو

ورزازات عاصمة السينما وهوليود المغرب

GMT 21:45 2014 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"جاليري" المرخية ينظم معرضًا فنيًا الثلاثاء في "كتارا"

GMT 03:14 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير علاج عن طريق الفم لكورونا ينتظر الموافقة عليه

GMT 07:35 2020 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

تقارير تكشف أن الذئاب تستعد لغزو "العالم المتقدم"

GMT 01:10 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

طيران الإمارات تتوقع 5 ملايين مسافر في 18 يومًا

GMT 13:07 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

صابرين تروي قصة فشلها في تأسيس وإدارة المشروعات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates