ثقافة الانضباط

ثقافة الانضباط!!

ثقافة الانضباط!!

 صوت الإمارات -

ثقافة الانضباط

بقلم : محمد الجوكر

المحبطون كائنات مفلسة، جف معينها واكتسحت الرمال أرضها الزراعية، وطغى الملح على تربتها، وانهالت عليها أحجار الليل البهيم، هؤلاء هم الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب، هؤلاء متذمرون ساخطون، منقبضون، مكتئبون، سوداويون، عابسون مكفهرون، يمضغون قراطيس الذكريات البالية، ويلوكون لبان الأحزان المر ويفضلون أن يعيشوا دائماً بين الحفر، وفي شقوق الأفكار المقفرة، وكهوف الخيالات البائسة، ولا يرون في الحياة غير كسوف الشمس، وخسوف القمر، وحتوف الصور الباهتة، هؤلاء لا يعرفون الحب، وهؤلاء يقطنون خارج نطاق النجمة المبهرة داخل محارة الأسى، هؤلاء يعانون من أنيميا ثقافية، ما يجعلهم يرفضون الاقتراب من ضوء الشمس، ولا يحفلون بالآخر، لكونه لا يشكل بالنسبة لهم إلا نصلاً حاداً يخشون من وضع اليد على حده.

هؤلاء جاؤوا من مناطق نائية من خريطة الماضي، ويريدون أن يثبتوا أقدامهم على كرة أرضية لا تتحرك خشية الوقوع، أو هكذا يعتقدون، أن حركة الأرض مساوية لحركة العالم، وبالتالي هم متوجسون، جفلون، واهمون، مطاردون من الداخل من قبل عقل باطن مشحون بالهواجس مفعم بالأشباح، مكتنز بالصور الرهيبة.

هؤلاء أشخاص لا يستطيعون أن يذهبوا مع الركب إلى حيث منابع العذوبة، هؤلاء، لا يمكنهم المشي من دون التلفت خوفاً من أن تلاحقهم عيون الناس، هؤلاء يخافون من الآخر، ولا يتجرأون الوقوف معه وجهاً لوجه، فهم يرون في هذا الآخر وحشاً كاسراً، سوف ينشب مخالبه في أعناقهم، والآخر الذي يخافونه هو عقلهم الباطن، هو ذلك اللاشعور المهيمن على مشاعرهم، هو ذلك اللاوعي المسيطر على كيانهم المستولي على حاضرهم ومستقبلهم، بعد أن سطا على ماضيهم.

كل هذا يحدث لفئة من الناس التي تصبح عائقاً في طريق التقدم، وتصير أسلاكاً شائكة تعرقل الآخرين الذين يشتركون معهم في المكان والزمان.

المحبطون، طحالب تلتصق في ألواح مراكب السفر، فتعيق طموحاتها في شق طريقها نحو الأفق البعيد، المحبطون، أعشاب شوكية وخازة، تمنع الحطابون من جني الثمار، من غابة الحياة، المحبطون غبار سام يمنع التنفس ويحرق الصدور، بسعار الهواء الملوث.

المحبطون ماء ضحل غير صالح للشرب، ولا حتى لغسل المواعين. المحبطون يشيعون حالة من الوباء المدمر في أي مكان يحلون فيه، لأنهم لا يملكون غير الزفير المضمخ برائحة الكافور، وهذا لا يصلح إلا لأكفان الموتى، والمجتمعات تريد الحياة، الناس يحبون أن يعيشوا خارج الدوائر المغلقة، بعيداً عن ضجيج الأحزان التاريخية، والبؤس المؤبد، وإذا كان الموت حطاباً، فالغابة خالدة.

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثقافة الانضباط ثقافة الانضباط



GMT 20:28 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

كأس الخمسين

GMT 20:35 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

سينما الوطن!

GMT 18:58 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

تذكرت بوشهاب!

GMT 21:28 2021 الجمعة ,26 آذار/ مارس

الحكيم والرياضي.. وفارس الأعمال الخيرية

GMT 05:25 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

أحسنت يا أسامة!

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates