بقلم :علي أبو الريش
الشخص الطائفي، كائن بشري يعاني عقدة نقص، يلبس الطائفية على الدين، لينقذ نفسه من تراكمات الدهر.
والإنسان منذ بدء الخليقة بحث عن القوة، فوجدها، في المال أو المركز الاجتماعي، أو القوة البدنية، أو الانتماء إلى فصيل ما، ولما لم يجد لجأ إلى معطف الدين، كي يكنز روحه فيه، ويختبئ عن أنياب الخوف التي تدهمه نتيجة ضعفه النفسي، اليوم وقد أصبحت الطائفية مذهب الذين يختبئون خلف رواسب فشلهم في الحياة، والذين يعانون مركبات النقص، وأصبحت الطائفية الملاذ الوهمي للنجاة من نار، الرجفة الداخلية، الأمر الذي يفرض على كل إنسان، كما يقع على عاتق الدول، أن تقوم بدورها في التنوير، وفتح القنوات المائية للمشاعر كي تذهب في مسارها الصحيح، وتزهر الأشجار وتثمر وتستمر في العطاء من دون الوقوع في مزالق الكراهية.
فالدول التي ترفع من سعرات الطائفية وتغذيها، هي دول تنتمي إلى أنظمة فاشلة داخلياً وعلى مستوى الشعوب التي تحكمها، وبالتالي لكي تلفت الأنظار وتتخلص من النقد، وأحياناً الرفض الذي يؤدي إلى زحزحة الكراسي، فإنها تتوجه إلى الخارج لتستدر مشاعر شعوبها وتؤلبها على الآخرين، وتثيرها ضد من يختلف معها، عقائدياً، وتحرضها وتدفعها دفعاً في حروب وكروب، حتى وإن جاع الشعب وعانى التخلف والأمية، وافتقد أبسط مباهج الحياة، فإن كل ذلك، يهون بالنسبة لهذه الأنظمة الطائفية، لأن الهدف الأكبر لها هو إلهاء الناس عن مشكلاتهم الداخلية، وإغراقهم في مصطلحات وهمية، أحياناً تمس كرامة الإنسان الطائفي نفسه، والأمثلة من حولنا كثيرة، والنماذج السيئة متوافرة بكثرة حتى ضاقت الأرض بها بما رحبت، لأن الإنسان الطائفي شوفيني أعمى، لا يرى إلا نفسه، وهو بغيض وحاقد، وناقم، ومتفاقم بالكراهية، حياته لا تستمر إلا على تدمير الآخر، ونفسه لا تنتعش إلا بدق طبول العدوانية، ونفض غبار سجادة الداخل، كي تغشى وتفشى وتفشي أسرار النفس الأمارة.
اليوم في ظل هذا الغش العقائدي نحن مطالبون جميعاً، كدول وشعوب أن نقف كالبنيان المرصوص لندافع عن الحقيقة، وندفع عن الدين الصريح، الغبار والسعار، والتهور والتضور، ونحمي إسلامنا من الدخلاء، ونفايات العصور الغابرة، وفضلات الأمطار المسمومة والملغومة والمكلومة والمثلومة، والمجذومة، نحن جميعاً تقع على عاتقنا مسؤولية الدفاع عن منجزاتنا الحضارية، ببث روح التسامح، في نفوس أطفالنا والذين هم رجال الغد، وبعث روح الحوار مع الآخر، من خلال تدريب النشء على إطلاق اللاءات من دون خوف أو حيف أو أسف، بل إن الإفراج عن الأسئلة يفتح نافذة لدخول الهواء النقي إلى الصدور، ويحيي النفس، وينعش العقل.