بقلم -علي ابو الريش
تذهب إلى كل مكان من إمارات الدولة، وتشاهد أطيافاً من البشر، ومن كل بقاع العالم يعيشون على هذه الأرض، وعلى وجوههم ترتسم ابتسامة مثل شروق الشمس، وترى بريقاً في عيونهم مثل لمعة النجمة تشعر بالسعادة ويمتلئ قلبك بالفرح، لأن هؤلاء يعيشون على أرضك، وينتمون إلى الطمأنينة، والاستقرار، ولأن هؤلاء وجدوا ضالتهم على أرض الإمارات، ومشاعرهم أصبحت جزءاً لا يتجزأ من دماء أهل هذا الوطن.
لا نستغرب ذلك، ولا تصيبنا الدهشة، لأن ما يتوافر على هذه الأرض، لا تراه الأعين في أي مكان آخر من العالم، ولا تلمسه الأفئدة في أي أرض تطؤها الأقدام. هنا الناس يمشون بقلوب برائحة الورد، وعقول بلون الماء، ومشاعر بسجية الصحراء النبيلة، وذاكرة مفعمة بمخمل الانتماء إلى الأرض التي ندت بحليب الحياة، وشهد الأبدية.
هنا الأشياء تكمن في تفاصيل الناس وعيشتهم الشفافة، تغيرت أشياء كثيرة، ولبثت الثوابت مثل جذور النخل، مثل صبر الغاف، لم تدر الشمس خارج نطاق الدورة الكونية، ولم يخرج القمر عن مداره، ولم تغادر الأرض منطقة التاريخ، ولا الجغرافيا، هنا الناس مازالوا يسكبون من قهوة الأمس، ومن عطر الزعفران يعبقون أحلامهم، ويمضون في التطلعات، مثل جياد رفلت بعرف السجايا الأصيلة، ونوايا النجود الخضراء، هنا الناس مازالوا يحملون في ثنايا الفكر، ماذا قالت الموجة للبحار، عندما عانق شغاف الصدفات، وماذا وشوش البحر، عندما هم الصيادون لامتطاء صهوة الطموحات الكبرى، وماذا همست الشطآن لنساء انتظرن عودة المسافرين إلى حيث تسترخي الفرص المؤملة، وماذا كانت في تغريد النوارس من لحن، ونشيد يتألق في الأفق، فتنشق الفضاءات عن وميض يزرع الأمل في قلوب المحبين.
هنا في الإمارات كل شيء، مثل الزهرة في الحديقة، إنه ينثر عطره وبلا مقابل ولا تمييز، فترى الناس يسكنون في الوعي، مثل لب اللوز في جوف الثمرة المعطاء، مثل شهد النحل في شمعة الثراء، مثل الأجنة في الأحشاء.
هنا في الإمارات يبدو الجلال سامقاً يتخطى القنوط، ويبدو الجمال سحنة في الفطرة، وكلما يممت وجهك ترى في الإمارات وجهاً من وجوه الحسن في المنجزات الباهرة، والمكتسبات المدهشة، والأشياء تنتمي إلى أصول الفكرة، وإلى فكرة الجبلة الأولى، حيث الحلم كان منذ البداية كبيراً، والسعي مثل ماء النهر، يمضي باتجاه الأشجار، فتثمر وتزهر وتزخر ليتطهر العالم من غبن وشجن ويعيش الإنسان في هناء وأمان، وتنمو أعشاب البهجة في عيون الأطفال، كما تنمو الأجنحة في تطلعات الأطيار، وتنبت الأوراق في أجمة الأزهار.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد