بقلم : علي أبو الريش
نظرت إلى وجه عبد الملك الحوثي، وهو يتلو بيان مقتل المغدور علي عبد الله صالح وهالني المشهد، كان الرجل يرسم صورة من صور الرعب الحوثي، والعدمية التي يتبناها هذا التنظيم وغياب الضمير، في حمى الهمجية التي تعشش في خيال هذا الرجل، الذي اعتبر اغتيال صالح إنجازاً قومياً وثورياً، يحقق لتنظيمه أهدافاً واسعة الأجنحة والأطراف
. عندما يكون الهدف هو القتل ولا غير القتل، يصبح الواقع ناراً تهيم في هشيم، ويصير الإنسان غوغائيا إلى درجة العبثية، ومثل هذا الإنسان لا يصلح إلا أن يقود عصابة مافيا، أو يقود سرباً من الغربان التي لا تقتات إلا على ما في حوزة الآخرين.
يضيع الإنسان ويتلاشى في حزمة من القش، تأكلها ألسنة الحقد، عندما يعتنق فكرة أنا الإله الأعظم، وأنا السر الأضخم، وأنا من يمتلك الحقيقة ولا حقيقة غيري.
عندما أقدم الحوثي على اغتيال صالح غدراً، كان يختزن فكرة أنه يستطيع أن يحكم اليمن بمعونة من فئة تحزمت بالطائفية، وتأزرت بالعصبية مدعمة بحقد دفين، أشبه بالصدأ، وأقرب إلى المياه الضحلة، وهذا سر خوض الحوثي معاركه ضد الشرعية، واستماتته للوصول إلى السلطة بباطل الأفكار اللاشعورية التي تدفع عربته المعطوبة إلى جبال وأهوال وأدغال الحرب الدموية التي يقودها ضد أبناء جلدته، متحالفاً مع الشيطان، منضوياً في الهجمة المجوسية ضد كل ما هو عربي، وقد خدعته خيالاته، عندما ظن أن من يدعمونه هم يرسخون مبدأ الطائفية، بل على العكس تماماً ليس للدين صلة ولا الطائفة بما تقوم به إيران، وإنما الهدف الخفي هو نوراني عنصري خبيث، استغل ضعف النفوس والأنانية والرخص في القيم الوطنية، ليتسرب مثل الورم السرطاني إلى الجسم الضعيف، ويخترق ثناياه وتلافيفه ويسكن في العمق، ويبدأ في التحريض والدفع بالعجلات الأربع، لأجل أن يدخل في الرمال العربية، متخذاً مشروعيته من غياب الضمير لدى البعض، وبؤس أفكارهم ومنهجيتهم وعلاقتهم الركيكة بالوطن.
كان لوجه الحوثي بثور فعلة شنيعة، بررها بألفاظ وعبارات لا تنطلي حتى على الطفل الصغير، لأنه ما من عاقل يصدق أو يقتنع بأساليب الغدر والاحتيال على الحقيقة، والالتفاف على الواقع، وإيهام العقول بأن مقتل صالح هو الحل لمأساة اليمن، وإن كان صحيحاً فهو من وجهة نظر القاتل والمجرم ومرتكب الخطيئة ليريح ضميره، إن كان هناك لديه ضمير أو حتى إحساس.
وجه الحوثي كان يعبر فقط عن فكرة واحدة، على أنه ماض في القتل، إلى أن تبين الحقيقة، ويعرف أن الله حق، ولا أعتقد أبداً أن المسألة ستطول، وما ضاع حق ووراءه مطالب، والشعب اليمني وصل إلى نهاية السطر، ووضحت لديه الجملة، وعرف من هو المعني بالمأساة اليمنية.