بقلم : علي أبو الريش
إيران تغامر، وتجاهر، وتسافر بأجنحة الكذب، للدخول في وحل العنصرية المقيتة، الملحّفة بملاءة وعباءة الدين. فمن يتابع وسائل إعلام إيران يصاب بالدهشة، عندما يمتطي دعاة التفرقة ركاب الجهل، ويعتلون كعوب السذاجة، ليقنعوا العالم أنهم قادة دين هدفهم نشر الدعوة المحمدية، لا غير.. تصاب بالذهول لهذا السعي المؤدلج، حول مرقد الحسين، وحث البسطاء للكف عن الحج في بيت الله الحرام، والاكتفاء بالصولات والجولات عند قم ومن والاها ورعاها، وسعى مسعاها، وسار في مسراها.. قرامطة جدد، يخرجون على الدنيا بدين ودين، يسوفون ويشوهون، ويخسفون وينسفون ويهتفون بأصوات نشاز، تشفي العين وتصم الأذن، وتفطر القلب.
دعوة مشبوهة مشوبة بالخراب واليباب والعذاب، مكسوة برداء أسود كثيب، عجيب، غريب مريب، يكتنفه السوء والإساءة إلى الدين الحنيف.. إيران التي تريد أن تكون دولة عظمى، بدأت بالدين تهشم ثوابته، وتحطم مراكبه، وتقضي على سننه وفروضه، وترتكب أشنع التجاوزات لتحكي دين زرادشت، وتعلي راية التهميش والتشويش، والخربشة على جدران الوعي الإنساني.. هذه المغامرات تدل بوضوح أن قادة إيران فقدوا بوصلة الوصول إلى قلوب الناس، وخسروا جل أرصدتهم، لذا فهم يمارون ويساورون ويخاتلون، ويكابرون ويفاخرون بأمجاد وهمية، وتاريخ عفى عليه التاريخ.
فعندما يلجأ الإنسان إلى التشاؤم والسباب، وإطلاق النعوت البذيئة والأوصاف النابية، فإنه يعلن بصراحة إفلاسه وخواءه، وفراغه الوسيع، الذي تضيع فيه كل خيالاته المريضة، ما يحزننا أن هذا الشعب الإيراني المسكين ضاع في حومة البلاءات والإساءات، والهراءات والافتراءات، وتاه في خضم الشعارات التي تئن منها الجبال، وتعجز عن حملها العباءات السوداء، ثقيلة الأكتاف. يؤلمنا أن تذهب إيران برمتها في مراكب المشعوذين والسادرين واللاهين والمرائين والمرابين الذين اختطفوا البلاد والعباد، وساروا على ظهر مركب عتيق صفيق، يخب وسط أمواج عاتية من الرفض العالمي لهذا التصرف، الأهوج والأعوج لدعاة الكذب، ورعاة الصخب، هؤلاء الذين شوهوا تاريخ إيران وعراقة شعبها.
كنا نتمنى أن يتعقل هؤلاء، وأن يتمهل هؤلاء، وأن يتجملوا بصفات أولياء الله الصالحين، ولكن كيف؟ فعندما يصاب الإنسان بالبارانويا، يشعر أنه الإله الأعظم وأنه رب الدنيا وحاميها، عندما يصاب الإنسان بالشيزوفرينيا فإنه يفقد صوابه ويبني خرابه بيده، ويسير في طرقات وعرة، مستعرة، مكفهرة، مقفرة، مفتقرة إلى الحقيقة.. عندما يدخل الإنسان دائرة العتمة، فإنه لا يرى إلا نفسه، ويراها شبه عارية إلا من سواد مدلهم دامس، عابس يائس بائس.
عندما يفقد الإنسان صوابه فإنه يختزل الكون ليرى الكون في ذاته فقط، فيخسر نفسه ويخسر الآخرين، فيصبح عالة على العالم.