بقلم : علي أبو الريش
شعار شرطة أبوظبي، ينبئ بأحلام العارفين، بما جادت به النخلة، وما جاد به الطير وما سدد به الخنجر. هذا عرف الأوفياء وسقف النجباء، وموقف الأصفياء، الذين هم من نسق الهوية، نسقوا المشاعر وصفدوا الأواصر، ونمقوا الخواطر، وجعلوا من الوطن نخلة وارفة، وأجنحة مرفرفة، وخناجر عازفة لحن الخلود، وشجن الوجود، وطوقوا الأحلام بقلائد المجد، وفرائد السعد، وقصائد الوجد. عندما تنظر إلى مثلث السعفة، والطير والخنجر، تجد نفسك في حضن التاريخ، تجد نفسك في قلب الوجود، تجد نفسك في الأفق طائراً بأجنحة الفرح، ونخلة بسعفات العطاء، وخنجراً بنصل النخوة والشهامة والأبوة، وشيمة الذين وضعوا الوطن في المقلة، والمواطن في جوهر الحياة، هذه هي سجية من عشقوا الأرض، ورووها من عرق وصدق وحدق ورمق، هذه هي شيمة من جعلوا الحب نهراً يروي الصحراء، لتصبح حديقة غنّاء، وفيافي فيحاء. هذه هي العلامة المميزة للعشاق، وطوال الأعناق، ومن زخرفوا الأشواق، بالبنان وحسن البيان، ورسوخ البنيان.
في هذا الشعار، هناك عبقرية الإنسان، وهناك أجمل الألحان، هناك لغة مرسومة وكلمة موشومة، وعبارة دالة، مجللة بالنقاء والصفاء، والثناء على أرض سخية وفية عفية عطية ثرية بالأصالة، غنية بالجمال. في هذا الشعار تنبس الألوان عن روح الإرث الجميل، والتاريخ النبيل، وقيم الذين جدلوا مجد الوطن من سعفة الإخلاص وأنفة الإحساس، هم حماة الوطن وقادته الأصفياء، هم من رائحة هذا التراب الأبي، وعبق زمنه الجميل، وشذاه المعطر بالثنايا والطوايا الأعذب من نهل الأنهار، والأسخى من كنوز البحار، في هذا الشعار يتدفق دم الوفاء من وريد يمتد من بداية التكوين إلى سارية التمكين، ويمضي في تلافيف الحلم ذاك القلم الذي شكل الشعار، وجلل بالعزة نفوس تعلقت بهوية سكنت الوجدان، وصارت نخلة تظلل وتكلل وتجلل وتجدل، وتجعل من الزمن باحة ترتاح عند مفاصلها أرواح تهتف دائماً لبيك يا وطن، لبيك يا أحلى موئل فيه العشق قد سكن، لبيك يا وطن، يا أجمل لوحة رسمها فنان على وجه الأرض، لأنك رسمت بالحب لا بالحبر، لأنك أخذت ألوانك من ريشة الصحراء، ونسقت سعفاتك بأنامل الأوفياء، لأجل ذلك، فإنك منحت حبك لكل الناس، في مختلف الأرجاء. وصرت يا وطن، واحة للطير والشجر، وشاطئاً تهفو إليه نفوس كل من ناله الكدر. فشكراً لشرطة أبوظبي، شكراً لمن حبانا بأبهى خبر.