كن بريئاً تكن جميلاً

كن بريئاً تكن جميلاً

كن بريئاً تكن جميلاً

 صوت الإمارات -

كن بريئاً تكن جميلاً

بقلم : علي أبو الريش

لو أعطيت طفلك لعبة كنت قد جلبتها له من السوق للتو، ماذا سيفعل؟ وماذا ستكون ردة فعله؟ بالطبع سوف يلتف حول اللعبة، ويضمها إلى صدره، وتغمره فرحة عارمة، سوف يهديك ابتسامته الملائكية، ويغدقك بالقبلات الحارة. ولكن لو منحت اللعبة نفسها لشاب أو رجل، ماذا ستكون الحالة الشعورية لديهما؟ ستكون كمن ألقى حبة رمل في المحيط، لن تسمع لهديتك أي أثر، ولن يكافئك أحد، ولو حتى بابتسامة مجاملة.

الطفل بريء، والبراءة مثل الصفحة البيضاء، حتى نقطة الحبر تبدو عليها واضحة وجلية. الأطفال يشعرون بالجمال أكثر من غيرهم، لأنهم ليس لديهم معرفة سابقة، لأن البئر صافية، والعذوبة شديدة، ولأنّ المرآة حديثة ولم يلحقها الغبار، ولذلك هم يرون ما لا يرى الكبار.

الصغار لم تتجمع حولهم نفايات التاريخ، ولم يتراكم الحزن في قلوبهم، لأنّ ما خسروه في حياتهم، لا يعد شيئاً قياساً بما يكسبونه، فهم في كل لحظة يجدون جديداً، هم لا يزالون في حديقة البراءة، هم في جبال الهملايا، هناك عند الارتفاع الثلجي النقي، ولم تغز عقولهم الأفكار، ولم يعرفوا شيئاً عن الأيديولوجيا، ولا السياسة، ولا الاقتصاد.

لم يلوث الأطفال بعد، لم تقرعهم زوجة أو زوج، ولم يتصارعوا مع زميل عمل على من يسبق الآخر لكسب رضا المدير، لا تشويش في عقول الأطفال، فهم لا يزالون في علاقة وطيدة مع الطبيعة، وهم يشعرون بزقزقة العصافير، ويتناغمون مع حفيف الشجر، وينسجمون مع جمال الحيوانات الأليفة، ولو غابت قطة عن طفل كان قد ألفها، فإنه سيظل يبحث عنها، ويبكي من أجلها، وسوف يتحمل توبيخ الوالدين له، ولن يتحمل غياب القطة، لأنها قطته، ولأنها لم تنفصل عنه، بل هو ما زال في البراءة نفسها، فلماذا يستنكف الانغماس في عالم من الصفاء يجمع الإنسان بسائر الكائنات؟!

الطفل لن يخضع للأفكار التي تحذر من شعر القطة وأثر ذلك على صحته، لن يتوانى عن الاقتراب من الطيور، ولن يفكر بما تتنفسه من ثاني أكسيد الكربون وأنه يسيء إلى صحة الطفل. الطفل لم يزل يتحرك باتجاه العالم من ناحية القلب، أما العقل فلم يزل نظيفاً، ولا يفرز سموماً.

بقلبه يلامس الطفل الوجود، يتعلق به، يحبه، ويشعر بجماله، لا شيء يكدر هذه المشاعر، إنها مثل الوردة لا تنثر غير العطر، وتوزعه على العالم بعدالة، فهي لا تميز بين أبيض أو أسود، لأن القلب لا يعرف شيئاً عن التمييز العنصري، هي لا تفرق بين غني أو فقير، ولا بين رجل أو امرأة.

الطفولة تربة خصبة لم تعبث بها قريحة الإنسان، ولم تزل بكراً، ولم تبتكر بعد الحيل لتشويه الطبيعة. الطبيعة في عين الطفل حزمة من الجمال، لا بد من الاستمتاع بها. لذلك نجد الأطفال لا يسعدهم غير اللعب، لأن في اللعب اكتشاف جمال ما يحيط بهم، نحن الذين نشوه هذه اللوحة الجميلة، بلاءاتنا وأفكارنا التي نسقطها على هذه الرؤوس الغضة ونفرضها فرضاً، وبأحكام جبرية بغيضة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كن بريئاً تكن جميلاً كن بريئاً تكن جميلاً



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates