التاريخ بصفته محللاً 2

التاريخ بصفته محللاً "2"

التاريخ بصفته محللاً "2"

 صوت الإمارات -

التاريخ بصفته محللاً 2

بقلم : علي أبو الريش

قد نختزل طول ثوب، ونحوله على مقاسنا، وقد نبني منزلاً على مزاجنا، وقد نصنع فنجان قهوة على مذاقنا، فكل الأشياء في حياتنا قابلة للتحول والاختزال إلا الحقائق؛ لأنها قائمة على الأفكار، ومن يحاول أن يبتسر من الحقيقة، فكأنه يغرف من البحر كي يقلل من مياهه كي تعبر سفنه بسلام.

أشخاص ودول يمرون في مسالك التاريخ كمن يمر في سوق لبيع قطع الغيار المستعملة، يفكرون في الأرخص والأسرع في أداء المهمات، من دون النظر إلى جودة المنتج وصلاحيته.
هؤلاء وجدوا أنفسهم فجأة عند قارعة طريق وحيدين، تنقصهم القدرة على مواصلة الطريق بالوسائل الطبيعية، ففكروا في اصطياد الضحية بالحيلة والخديعة وهم ينتمون إلى الفلسفة النفعية ومبدأ اللذة، ونظروا إلى الحقائق التاريخية وكأنها طرائد، فانسجموا مع أوهامهم، وذهبوا بخيالاتهم إلى أبعد من قدراتهم ولما اصطدموا بالواقع وجدوا أنفسهم منفردين مثل الذئاب الهاربة من حراس الأمانات، فالتطموا بنزاعاتهم، واحتدموا، وتشظوا، وتلظوا، وانتكسوا إلى درجة الخذلان، فما كان منهم إلا أن ينتهجوا نظرية الانتحار، لأنهم لم يجدوا ما يتكئون عليه من قيم غير قيم العدمية، ولأن العدمية لا قانون لها غير الطاقة السلبية، محمولة على كفوف نظرة مشوبة بالعدوانية والتدميرية ضد الآخر، وما صواريخ الحوثيين الأشبه بالأطباق الطائرة، أو الطائرات الورقية، إلا المجاز التعبيري عن يأس وبؤس ورجس، ما توليه النفس الشريرة من ضمير فقد صلاحيته، وأصبح مثل عملة فاسدة، وصار البقاء بالنسبة لهذه الشريحة من الكائنات البائسة، هو في معنى الفناء، فلا فاصل بين المعنيين، فعندما تغيب الشمس، ويبقى الإنسان في الغرفة المظلمة، فإنه لا يستطيع التمييز بين الأسود والأبيض، ولا التفريق بين الذبابة والنحلة. 
هذا هو وضع الحقيقة عندما تخرج من الباب الخلفي للتاريخ، وتبحث عن بذرة الحياة، فلا تجد غير الأحراش والأشواك، وبقايا كائنات نافقة، نسيها التاريخ في مخبأ الذاكرة المثقوبة، هذا هو حال كل من يعتقد أنه يستطيع أن يغير مجرى التاريخ كما يتوهم، وكما يلقيه عليه من آثم ضميره، واستجمت نفسه في مستنقع النهايات القصوى للذمم، ومن تخيل أنه من الممكن أن يمتطي صهوة حصان خشبي، ويقفز به من قمة جبل، ويقتنص الحقيقة، بينما تكمن الحقيقة في صلب التاريخ الحقيقي لمبادئ حقيقية، ولجماعات أو دول حقيقية، لم تتجاوز حدود المنطق المكون الحقيقي للقدرات، والتربة المناسبة للطموحات. فيا ليت يعي الحوثيون منطق التاريخ، والتاريخ يقول إن صنعاء استعصت على كل المستعمرين، فكيف لهم أن يقدموا جبالها الخالدة لنسور مريضة وتجاوزها التاريخ، بل إنه لم يعد معنياً بما تخبئه عمامة واهم، ولا زرادشتي قاتم الحقيقة في التاريخ، كن أنت ولا تكن غيرك.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التاريخ بصفته محللاً 2 التاريخ بصفته محللاً 2



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 11:31 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 21:36 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 16:17 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

خطوات تنظيف "خشب المطبخ" من الدهونوالأتربة

GMT 15:54 2015 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 4 ألوان يمكن أن ترتديها في مكان العمل

GMT 14:13 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة البطل محمد سعد بعد تمثيل مصر في المسابقات الدولية

GMT 08:00 2012 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

وثائق ويكيليكس وأسرار الربيع العربي

GMT 16:20 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"أبوظبي للسياحة" تطلق معرض "أبعاد مضيئة"

GMT 13:20 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هطولا للأمطار الرعدية فى السعودية الجمعة

GMT 18:49 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

لوحات ضوئية عكست حالات إنسانية ووجدانية في معرض أبو رمانة

GMT 01:53 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

Falcon Films تقدم فيلم "بالغلط" من بطولة زياد برجي

GMT 14:42 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تشيلسي كلينتون تتألق في معطف أنيق باللون الأسود

GMT 00:17 2022 الخميس ,15 أيلول / سبتمبر

إيران... لا خطة «ب»

GMT 09:44 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates