بقلم : علي أبو الريش
المرأة في سدة الوعي، عند نافلة القرار، في مقلة الحلم، في لب البناء، فوق قمة الشجرة، على صهوة موجة، في مهجة العمل الوطني، في السواحل والأعماق، وبكل الأشواق ترفع الأناق، وتفيض الأحداق، ببريق الأمل، ولمعة الغيمة المؤزرة بالضياء. هي المرأة التي باتت اليوم تخيط جلباب المؤسسات الوطنية بأهداب ناعمة، وبجدية الصحراء، وجسارة البحر الخليجي الموقر، تؤدي الواجب، وتنال الحقوق، وتمضي بالقافلة مهيأة بكل أسباب التفوق، والجدارة والاقتدار، بدءاً من المجلس الوطني الاتحادي، وحتى طوق السعادة، ثم مؤسسات أخرى لامعة مثل وجه القمر، ثاقبة مثل عيون النوارس، جلية مثل صوت البلابل. هذه هي المرأة الآن، تعمل من أجل الغد، من أجل وطن أنامله ندية، مثل نداوة السحابات المشبعة بالحلم، يكتب للتاريخ وسائل بخط النسخة، ونقاطه مفاصل مجد ووجد وجد ووجود، يوجد النجاح بفضل من هيؤوا مادة التفوق، وجعلوا الوطن نهر عطاء لا ينضب ولا يقضب، ولا يجذب، والمرأة في دورة الزمن شراع ويراع، المرأة تسرد حكاية مرحلة تؤسس لمراحل، وقصة وطن ألغى الفواصل، لتبدو الجملة الشعرية حديثة بحداثة الوجدان، عريقة بعراقة الإنسان، متجذرة كما هي القصيدة بقافية بلا ألحان.
هذه المرأة تكتب اليوم للزمن، وتسكب حبر القلب على صفحات ناصعة من غير سوء، وتشذب الشجرة، لتبقى من فيض القيادة، فاستدعت القدرات وتأزرت بالمنى، وطافت في بحار اللغة لتعطي من النهل ما يغرب السهل، فيعشب ويخصب ويصخب، ويملأ الحقول وعياً بأهمية أن يكون الإنسان حقيقياً، وضرورة أن تكون الحقيقة إنساناً يحقق آماله بالعمل، وينجز مشروعاته بالطموحات المتناسبة مع إمكاناته. هذه المرأة الإماراتية قلباً وقالباً، من صلب الصحراء، من باطن الوادي والجبل، من سواحل المجد، من ضفاف النخلة النبيلة، تشمخ اليوم وترسخ ثوابت وقيماً، وتؤكد أن الإنسان عندما يكون صادقاً، يكسر الحواجز، ويذيب الثلوج، ويقهر الصعاب، ويصل إلى الآفاق بأشواق العشاق، المخلصين الذين تخلص لهم الأرض، كلما أخلصوا وتفانوا، وساروا على درب الإيثار من دون تردد أو تصهد، هؤلاء تحترمهم الحياة وتنحني لهم المهمات الكبرى، فينجزونها بيسر، وهم يحملون قلوباً مثل زجاج المرايا، وعقولاً مثل صفاء البحار.
هؤلاء هم أمهات وزوجات وأخوات أخذن من الوطن ما يكفي وأعطينا الكفاية، ولا تزال الطريق ممتدة بلا نهاية ما دامت الحياة باقية.
المصدر : الاتحاد