الجزء أكبر من الكل

الجزء أكبر من الكل

الجزء أكبر من الكل

 صوت الإمارات -

الجزء أكبر من الكل

بقلم : علي أبو الريش

هل هي حقيقة أن ينبثق الشيء من جزئه؟ بالصورة المتجلية في الواقع، تبدو هذه الحقيقة مجرد مجازفة عقلية، والعقل لا يعطيك الصورة كما هي، وإنما كما يراها، وكما يراها لا خارج إطار الحقيقة. فلو قلنا إن القرية أكبر من المدينة، سنرى في الواقع ما يناقض وعينا بالمدينة كحجم وتطور، ولكن لو تأملنا حقيقة ما بعد الواقع سنرى أن المدينة قد جاءت من صلب القرية، كما هو الجنين الذي يولد من صلب قبله، ترائب حوّلته إلى كائن يرى بالعين الواقعية. ولا ريب أن الدولة العظمى لا تعتاش إلا على مخزون الدولة الأصغر، ولولا هذا التناسق لما جاءت الكبرى، ولما أصبحت بهذا الامتداد الكوني.

النهر الكبير أنجبته قطرة الماء، الآتية من غيمة، شفيفاً، فأصبح نهراً يتجاوز حدود القطرات بملايين المرات. فالجزء هو الكل المتخفي في ثوب الكل، فلا يرى الكل إلا من خلال مكونات الجزء وتفرعاته في نسيج الكل. فمن الذرة الصغيرة التي لا ترى بالعين المجردة، نحصل على تصادمات النجوم العملاقة التي تستطيع تفجير أعظم المنجزات الواقعية. ومن كريات الدم الأصغر، يبدو الجسم الضخم لأعظم الكائنات الحية.

المعضلة الكبرى التي يواجهها الإنسان هي كيف يخرج من شرنقة وهم الكل على حساب الجزء. ونحن إذ ننظر إلى المجتمع، نرى أن هذا المكون الكبير خاضع لا محالة لأجزائه الذين هم يشكلون الأفراد، ويصدق هنا قول الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر، في أن الإنسان هو راعي الكون، كما يصدق كلام نيتشه في حديثه عن الفرد المنعزل، فهو الذرة التي يأتي منها المجتمع، فإذا نبت هذا الفرد من سجية واعية استطاع أن يكون ضلعاً مستقيماً في جسد المجتمع، فلا يصلح المجتمع إلا بصلاح الفرد، أما أن يكون الفرد حملاً في سرب القطيع، فإن ما ينتج عنه هو مجتمع قابع تحت كومة من قش التخلف. فالأفراد مسؤولون عن طريقة ظروفهم، وهم كذلك عليهم التزام وجودي في بناء الكل، لكونهم أجزاء لها علاقة وطيدة في استيلاد الكل

. اليوم تذهب المجتمعات الراقية إلى الكف عن الإدانة الدائمة للكل، والاتجاه إلى تعليق الأمل على (إرادة القوة) لدى الأفراد، فهم عماد المجتمع، فإذا ما توافرت تلك الإرادة في البناء والتكاتف والانسجام، من دون يقين أعمى بالأوهام، فإن التطور مسألة حتمية، ولا مصادفة في النتائج، فإن تعمل بحب نحو الكل، تكن أنت الجزء الأهم الذي ينمو من خلاله الكل.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجزء أكبر من الكل الجزء أكبر من الكل



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates