يخافون من الحب

يخافون من الحب

يخافون من الحب

 صوت الإمارات -

يخافون من الحب

بقلم : علي أبو الريش

الناس يخافون من الحب لأنه يكلفهم كثيراً، ويوقع عليهم أعباءً لا يحتملون حملها. فأنْ يحب الإنسان، فعليه أن يفتح النوافذ، ويطل على العالم بقلب مزدهر بالحياة. وأن يحب الإنسان فعليه أن يتحرر من أنانيته، ويذهب إلى الآخر من دون أورام ومن دون رواسب، ومن دون شك، ومن دون تردد، ومن دون الالتفات إلى الوراء.

الناس يخافون من الحب، لأن في الحب تضحية من أجل استمرار الحب، الناس يخافون من الحب، لأن الحب يجعلك صافياً، وهم تعودوا على البحث عن الأشياء الثمينة من بين النفايات.
الناس يخافون الحب، لأنه يجعلهم مستسلمين لكينونتهم، ويجاهر ليلاً ونهاراً بأنه ضد الأنا، وضد القوقعة، ومع الحلزون. سوف يقول لك شخص ما إنني أحب فلانا، ولكنه لا يحبني، إنه يكرهني، فلا تصدق حديثه، لأن هذا الشخص كذاب وأناني يريد أن يضع شروطاً للحب، ويريد أن يحبه الآخر، من دون أن يحرك ساكناً تجاهه.

الأنانيون يخشون الحب، كما تخشى الخفافيش النهار. إنهم سريون إلى درجة الانغلاق، متوارون إلى درجة البطانية، وهنا مربط الفرس، هؤلاء يخافون الحب لأنه يفصح عن الأنا، والأنا لديهم تعاني من قبح مزمن وتشوهات مسيئة ومذلة، الأمر الذي يجعلهم يخبئون رؤوسهم تحت رمال الخوف، يتقهقرون وينزوون ويجلسون خلف أقمشة سميكة تحجب عنهم أعين الناس، وتمنع عنهم الاقتراب، ويظلون هكذا ينعون الحظ، ويلقون باللائمة على الآخر، لأنه لا يحبهم، ونقول شكراً لفرويد الذي نبه العالم حول الإسقاط، وهو إحدى الحيل الدفاعية التي ينتحلها الأفراد عندما يعجزون عن مواجهة الواقع، والذين يخافون من الحب يلجأون إلى الإسقاط كذريعة دفاعية تلقي عنهم تهمة خيانة الضمير. فلو جاءك شخص وقال لك: الناس يكرهونني، ولا أحد يحبني أو يتقبلني، وكلما ذهبت إلى مكان، لا أجد غير الصدود، فلا تصدقه أبداً، بل يجب أن تعلم أن هذا الشخص، يحاول تبرير عيبه، باستعابة الآخرين، وكما يقول الشاعر

نَعِيبُ زَمَانَنَا وَالعَيْبُ فِينَا....... وَمَا لِزَمَانِنَا عَيْبٌ سِوَانَا

فالإنسان أكبر كذاب على وجه الأرض، وأكبر محتال، ولديه من أساليب الخداع ما يجعله يراوغ ويناور ويغامر ويقامر ويلون الأشياء حسب ما يريد وكيف ما يهوى. هذه القدرات الفائقة التي يتمتع بها الإنسان، كثيراً ما ترتد ضده، ويصبح هو المهزوم، وهو المكلوم لأنه في حالة الكذب، فإن الإنسان لا يعالج علة، بل يسكنها، وتظل كامنة وتنمو في الخفاء إلى أن تصبح داء عضالاً لا شفاء منه، كل هذا يحدث، لأن الإنسان يخشى الحب، فيصبح كارهاً بامتياز ومدمراً لذاته وللآخر.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يخافون من الحب يخافون من الحب



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 17:08 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

"هيونداي i30 " تتحدى مع مقاعد كبيرة وسرعة فائقة

GMT 00:39 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحقق في 3 أشهر فائضاً أولياً بـ 100 مليون جنيه

GMT 10:56 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب فهمي يؤكّد أن "سيرة الحب" تتحدث عن حياة بليغ حمدي

GMT 12:07 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حاتم يقترب مِن إنهاء مَشاهده في فيلم "قصة حب"

GMT 19:02 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

للمرة الأولى فُرص عمل على "الشباب والرياضة" الجمعة المقبلة

GMT 00:15 2016 الأحد ,10 إبريل / نيسان

“النغم الشارد”

GMT 15:52 2013 الإثنين ,12 آب / أغسطس

صدور "فضيلة رائعة في مجموعة قصصية"

GMT 20:09 2013 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

مصرُ تحصدُ جائزتيّن من اتحادِ إذاعاتِ الدولِ العربيّة

GMT 04:42 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

تصميمات حمامات سباحة تناسب المساحات الصغيرة

GMT 12:55 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

مطعم سيروكو من أجمل المطاعم في الهواء الطلق

GMT 18:10 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ورش تعليمية مكسيكية تجذب الأطفال في معرض الشارقة للكتاب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates