العقل كائن متهور

العقل كائن متهور

العقل كائن متهور

 صوت الإمارات -

العقل كائن متهور

بقلم : علي أبو الريش

يظن الناس أن العقل زينة وخزينة، وأنه مفتاح العمل الإنساني وحائطه الشاهق.. ومن يتأمل هذا الكائن السحري، يجد أنه سبب في غياب الوعي عن الإنسان. فعندما، يحتفظ هذا العقل، برواسب الزمان وخرائب المكان، فإنه يصبح كتلة من الجحيم تثقل كاهل الروح البشرية، وتحيط الفطرة بغشاء سميك أسود يحجب الرؤية عن الإنسان، فلا يرى غير الظلام.

وتصوروا أن إنساناً يسير تحت ستار العتمة، فإنه سوف يتعثر، ويتبعثر، ويتكسر، ولن يصل إلى غايته مهما بذل من جهد، ومهما أحاط نفسه بالحيل الدفاعية والأساليب الغامضة.. الطفل يكذب مضطراً لأن عقله اختزن الكثير من اللاءات الأبوية، والزوج يكذب لأنه يخاف انكشاف أمره في فعل من الأفعال التي تستنكرها الزوجة والأبناء.. الزوجة تكذب لأنها تخشى

أن يلومها زوجها والأبناء كذلك على سلوك ما، والموظف يكذب لتفادي غضب مدير صارم، والخادمة في البيت تكذب لتحاشي ضراوة المخدومة.

. هذا هو العقل، وما يدبره من مكائد وحبائل للهروب من الواقع، والتخلص من عيون الآخرين الحمراء.. فالعقل ذكي وماهر ومبدع، وداهية، لكنه في الوقت نفسه لص ومحتال، ولديه قدرات فائقة في تجاوز العقبات الواقعية، لكنه أيضاً يوقع الإنسان في مزالق الكبت، والحزن والكراهية.. لا يكره إلا الإنسان الكاره الذي امتلك في فترة من الفترات إمكانية الكذب، وفي هذه الحالة، ذهب اللائم وبقي الكبت كأثر لمعارك طاحنة في الداخل لم تحل عقدها واقعياً، بل استخدم العقل سلاحه الفتاك أي الكذب، وتجاوز حالة الغضب والنفور من الآخر، لكنه لم يستطع أن يقضي على جذور المشكلة.
عندما قال أفلاطون عن العقل الخالص، فهو يعني الروح، هذه المنطقة الصافية العفوية الشفافة النابتة من تربة الفطرة.. الإنسان مفطور على النقاء ولا يلوثه إلا العقل المنافق المرتبط بالأنا مباشرة.. وما أن ينطق الإنسان بالأنا، حتى تتراكم عليه كل نفايات التاريخ ويضيع في ركامها، ويصبح شيئاً يشبه الإنسان وليس الإنسان كما هو.. المسيح عليه السلام قال «لتدخلوا مملكة الرب، يجب أن تكونوا أطفالاً»، هي دعوة للعفوية، ونظافة القلب ونقاء الروح، واستعداد مباشر، للاندماج مع الآخر لكونه عنصراً من عناصر الوجود.. الانتماء إلى الوجود الكلي، هو تخلص من الأنانية، والانعزالية والفردية ما يؤدي إلى التحرر من الحقد والكراهية للآخر.. نحن بحاجة إلى الروح أكثر من حاجتنا إلى العقل.. نحن بحاجة إلى بهجة اللحظة أكثر من حاجتنا إلى حزن الماضي وقلق المستقبل، نحن بحاجة إلى مادة الروح التي منها نصيغ حياتنا من دون تكلف أو تزلف أو تخلف.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العقل كائن متهور العقل كائن متهور



GMT 15:12 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

براكة... بركة الطاقة

GMT 16:04 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رواد بيننا

GMT 13:12 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

بحيرة جنيف تغتسل بالبرودة

GMT 18:55 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الكل مسافر

GMT 20:26 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ساعات معلقة فوق الغيم

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates