الإعلام والمثقف

الإعلام والمثقف

الإعلام والمثقف

 صوت الإمارات -

الإعلام والمثقف

بقلم : علي أبو الريش

دأبنا في عصر الانغلاق أن يقف المثقف في برج عاجي، مصفد بمصطلحات لوغاريتمية فجة وعقيمة وسقيمة، يخاطب نفسه ويحاكي الغيمة الطائشة، وأن يذهب مذهب البوذي المعتصم في صومعة الانعزال، وبوتقة الهزال الروحي بحيث لا يسمع ولا يرى ولا يلمس إلا خياله المجرد، كما أن الإعلامي الذي يقف في الجهة المضادة، يرى نفسه في منأى عن العلاقة مع كائن يجد فيه البقعة السوداء

التي لا يرى من خلالها إلا عتمة الوجود. هذه القطيعة، وهذا البؤس في التلاقي، أوجد حالة من الفراغ المريع، ما أشاع حكاية وهمية بأن ما بين المثقف والإعلامي كالعلاقة ما بين النهر والبحر، والعلاقة ما بين الأسود والأبيض، والعلاقة ما بين الصيف والشتاء، والخريف والربيع، والغابة والصحراء، والحلم والكابوس، والسعادة والشقاء، والحب والكراهية.

هذا الحاجز الوهمي صنعته ثقافة الانحياز وخطاب الأنا المتورمة، والعقل المأزوم بالمضائق والحقائق المصادرة، واللامعقول المكرس من أجل صناعة مجتمعات، أعمدة خيماتها بالرميم وأزمة الفقدان.

اليوم العالم تقوده الفكرة، وكل ما يحدث على أرض الواقع الإنساني، هو نتيجة هذه الفكرة المتوترة المحاصرة بالوهم، والمستولى عليها من جهة الأنا المعزولة عن الحياة. من خلال هذا التفتت، وجدت خلايا الظلام فرصتها في التسلل والتسلق والتوسل والانغماس في نخاع المجتمعات، مستفيدة من عقدة الفراق ما بين المثقف والإعلامي، ولو فهم الطرفان أنهما رافدان لنهر واحد، وأنه لا مجال لسد القنوات، وأن كبح أحدهما يغرق العالم بأزمة ضيق التنفس، فالإعلامي قناة توصيل، والمثقف حامل التيار الكهربائي، فعطب أحدهما يعني إصابة العالم بالعمى. ما يحدث في العالم العربي هو من هذا القبيل، ولا سبيل للخروج من هذا المأزق إلا ولوج النهر من دون رواسب حتى لا تتلوث مياهه بالنفايات، وحتى لا تبدو الحياة مجرد تراكم للغيوم السوداء. المثقف له دور، والإعلامي له دور، وكلاهما من صلب واحد، التخلي عن الدور الجوهري، وهو النهوض بقيم المجتمع أدى إلى هذا الانحلال في المبادئ الأساسية، وأهمها محاربة الفكر السوداوي، وإجهاض مشروعه العدمي وكبح طموحاته العبثية.

نحن بحاجة إلى إماطة اللثام عن وجوهنا، وأن نذهب إلى الحياة بوجوه عارية من الأقنعة وزيف مراحل ما بعد الفراغ، نحن بحاجة إلى مثقف يعرف أن دوره هو الدفاع عن منجزاته الوطنية، كما أننا بحاجة إلى إعلامي لا يحجز المياه عن أشجار الحب، وأن يعي أن دوره هو الانسجام مع الحياة، وأولها هو الإيمان أن الإعلامي هو أيضاً مثقف، ودوره لا يتوقف عند تحرير الخبر أو نقل المعلومة، هو في الأساس قلم الوطن الذي يرسم الصورة المثلى للحكاية من أولها وآخرها. الطرفان تقع على عاتقهما مسؤولية النجاح أو الفشل لمشاريعنا الوطنية.
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإعلام والمثقف الإعلام والمثقف



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates