بقلم : علي أبو الريش
بفقدان خمسة من شهدائنا الأبرار، تؤكد الإمارات دوماً أنها في موقع الحدث الإنساني، وفي منزلة الدول الداعية إلى إحقاق الحق، وتحقيق الحقيقة، ومجابهة الظلم والقهر والتطرف، وصد العدوان عن المصير المشترك الذي يجمع بني البشر ويؤلف بينهم.
ما حدث في أفغانستان، وبالتحديد في قندهار، لا يعبر إلا عن شيء واحد، ألا وهو أن التطرف الديني ليس آفة، واجب على الشرفاء أن يكونوا صفاً واحداً يذودون عن الشرف الرفيع، ويرفعون الظلم عن المغبونين والضعفاء، ويدافعون عن المبادئ الإنسانية والإسلامية بالأرواح والمال، انتصاراً للقيم السامية، وزهقاً للباطل الذي أصبح سمة من سمات أولئك الذين ارتدوا الرداء بالمقلوب، وساروا يعيثون في أرض الله فساداً ودماراً، مخلفين وراءهم عار الجرائم النكراء، ونحن بقدر ما نعزي أنفسنا وذوي الشهداء، فإننا نفخر بهؤلاء الأبطال الذين قدموا
أرواحهم رخيصة في سبيل إنقاذ البشرية من طغمة الفساد والانحراف، نشعر بالاعتزاز لأننا أبناء الإمارات، هذا البلد الذي لم يدخر وسعاً في ملاحقة المجرمين وشذاذ الآفاق والمغرضين والمحرضين والمدمنين على امتصاص دماء البشر تحت ذرائع واهية وأسباب الجاهلية الأولى، نحن نسعد بوطننا وقيادتنا التي جعلت من التضحية نبراساً ومن الذود عن الحياض البشرية شمساً تطل على العالم لينير درب الآخرين، ونحن نستقبل خبر استشهاد رجالنا الأبرار تتأكد لدينا القناعة والفكرة الراسخة أن اللصوص هم الذين يختبئون خلف الحجب والظلام ليمارسوا هواية القتل والاعتداء على أرواح البشر، فقط لأنهم يكرهون العدالة الإنسانية، ولأنهم مناهضون لحب الإنسان بامتياز.
والإمارات بفضل قيادتها الرشيدة لا تألو جهداً في الوقوف كتفاً بكتف مع كل الشرفاء في العالم وكل الأنقياء، وكل الذين حملوا شعلة النار ليضيئوا ظلام الكون متحدين بوعيه وبأهمية أن تتحد الإرادات العالمية ليهزم الشر، ويدحر العدوان ويكبح جماح الذين لا يعيشون ولا يحبون العيش إلا في كهوف الغدر والبطش والاستيلاء على إرادة الآخرين.
شهداؤنا هم كواكبنا التي تدور حول العالم لتذكر ولتبصر بألا مجال للتهاون أمام موجة الحقد وكرامة البشرية مرتبطة بوعيهم بأن ما يتم فعله من جرائم لا يدل إلا على هزيمة «القاعديين» و«الداعشيين»، هؤلاء الذين أفلسوا فكرياً وعقائدياً ولا يملكون غير المفخخات والمتفجرات، فلا يغدر إلا المهزوم، ولا يحقد إلا الفارغ، ولا يقتل إلا الحاقد.
ومع دعواتنا لشهدائنا بأن يكونوا مع كوكبة الصديقين والأولياء الصالحين، فإننا نقول لذوي الشهداء، إنهم أبناؤنا وأحباؤنا وفلذات أكبادنا، إنهم من نبتة هذا التراب الطاهر، ومن فضاء هذا الوطن الكريم، ودماؤهم لن تذهب مادامت هناك قيادة تسهر على الحماية والعناية والرعاية، فدماؤهم طريقنا إلى حياة كريمة رافلة بالعز والكرامة.. رحم الله شهداءنا، وأدخلهم فسيح جناته، وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان.. وما الحقيقة إلا جهاد في سبيل حرية الأوطان، وخلاصها من عبث الجهلة وقطاع الطرق.
المصدر : الاتحاد