لعبة التاريخ

لعبة التاريخ

لعبة التاريخ

 صوت الإمارات -

لعبة التاريخ

بقلم : علي أبو الريش

ليست هي نهاية التاريخ، وإنما تناسخ التاريخ، والعود الأبدي كما ذكر نيتشه. يقول أدغار موران: إن التاريخ عبارة عن مغامرة مدهشة، وقاتمة، ودنيئة، ورائعة في نفس الوقت، ولا يمكن أن نتكهن إلى أين ستقودنا. ويقول موران لا قانون للتاريخ، القانون الوحيد هو أن أي تطور ينطوي على تشويش، ما سبقه وانحطاطه.

نعم فالتاريخ في أكمل صوره، هو مثل العجلة في دورانه حول العالم، إنه فجر يغوص في الظلام، وليل ينبلج في النور، وهذه الازدواجية هي محض استرابة الإنسان، وخشيته، وتجاسره أيضاً، وازدواجيته، وتعددية انفعالاته، واختلاف توجهاته كفرد، ومجموعة، انبثقت منها كل هذه التطورات على مدى التاريخ.
فالإنسان المسالم هو نفسه الإنسان الشرس والعدواني في حالاته المتقلبة، والمستمرة في التلون، والتشكل على مدار تطوره الزمني فالثورة الفرنسية التي بدأت على أنقاض عصر كنسي متزمت، وكانت هي نفسها الثورة التي خرجت من جلباب الدولة الحرة التنويرية، لتبلغ أشد جبروتها في استعمار دول في آسيا وأفريقيا، والدولة الاشتراكية في روسيا هي نفسها الدولة التي خرجت على طغيان القيصرية، وتنحو صوب البروليتاريا، ليصبح العنصر المادح هو القيصر الجديد، فلا تكتشف النظرية البهية رثاثة ثوبها إلا بمجيء جورباتشوف الذي بدوره مزق الثوب السوفياتي ليحيل الدولة الواسعة جغرافياً إلى مزق ودول متنافرة، كما أن على صعيد الأشخاص لا يختلف الأمر بتاتاً، ماري كوري العالمة العصامية التي حازت على جائزة نوبل مرتين، في الكيمياء مرة، ومرة في الفيزياء، تنتهي نهاية سوداوية في علاقتها الغرامية مع شاب يصغرها بسنوات.

وهكذا الأمثلة تطول بامتداد خيط التاريخ الذي لا نهاية لطرفيه، وهذا يقودنا إلى أن التاريخ البشري ممتلئ بازدواجيته، كما هي ازدواجية طريق تمر به العابرات من طرفين متناقضين، قد يلتقيان عند مدخل يؤدي إلى أرض فضاء، لكنه يعود لانحناءاته، والتواءاته التي لا تدفع إلا إلى دهشة المتأمل لهذا الزخم، والتراكم المعقول، واللامعقول في آن واحد، كون الوجود نفسه هو حزمة من الاختلافات، وازدواجية اللون والشكل.

تفسير التاريخ لا يختلف عن تفسير الأحلام، فإنه مزدحم بالتأويل والغموض والمعطيات، وأنهار من الصور المركبة والمتراكمة، والتي تستولد الواحدة منها الأخرى، وكأن العالم يعيش انفجاراته الكونية في كل يوم، لحاجة التاريخ في تسجيل مواعيد مولده في كل لحظة، ودقيقة لغرض إثبات الهوية، وهو التاريخ إنه بلا هوية حقيقية ثابتة.
 المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعبة التاريخ لعبة التاريخ



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 11:31 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 21:36 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 16:17 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

خطوات تنظيف "خشب المطبخ" من الدهونوالأتربة

GMT 15:54 2015 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 4 ألوان يمكن أن ترتديها في مكان العمل

GMT 14:13 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة البطل محمد سعد بعد تمثيل مصر في المسابقات الدولية

GMT 08:00 2012 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

وثائق ويكيليكس وأسرار الربيع العربي

GMT 16:20 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"أبوظبي للسياحة" تطلق معرض "أبعاد مضيئة"

GMT 13:20 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هطولا للأمطار الرعدية فى السعودية الجمعة

GMT 18:49 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

لوحات ضوئية عكست حالات إنسانية ووجدانية في معرض أبو رمانة

GMT 01:53 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

Falcon Films تقدم فيلم "بالغلط" من بطولة زياد برجي

GMT 14:42 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تشيلسي كلينتون تتألق في معطف أنيق باللون الأسود

GMT 00:17 2022 الخميس ,15 أيلول / سبتمبر

إيران... لا خطة «ب»

GMT 09:44 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأكسسوارات المنزلية جواهر تثمّن المشهد الزخرفي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates