الإرادة والاستسلام

الإرادة والاستسلام

الإرادة والاستسلام

 صوت الإمارات -

الإرادة والاستسلام

بقلم : علي أبو الريش

بحث الفلاسفة في الغرب موضوع الإرادة باعتبارها القوة الخارقة والطاقة الإيجابية لقهر الطبيعة، بينما بحثت الفلسفة الشرقية مسألة الاستسلام. أبدى شوبنهور تعاطفاً قوياً مع الإرادة القوية كونها السبيل لتخطي الواقع وإنجاز المشروع الإنساني في تجاوز العقبات الطبيعية.

كان هذا الفيلسوف تشاؤمياً إلى درجة العدمية، معتبراً أن الإنسان كائن تحكمه الأنانية، وإعلاء الشر، والإنقاص من الخير، نابعان من هذه الإرادة الأنانية، والفردية المحضة.
وزاد على ذلك نيتشه حين أعلن عن إرادة القوة متجاوزاً حدود الذات الواعية إلى ذات تحكمها نوازع غير واعية، وكأنه هنا يخطو خطوات فرويد في، حديثه عن اللاشعور، ودوره في تحديد السلوك البشري.

بينما نجد في الجانب الآخر، أي في الفلسفة الشرقية التي دعت إلى الاستسلام، والانغماس في الخمول، والدعة  على اعتبار أن الصمت وسيلة لاستعادة وعي الإنسان، ووصوله إلى الحقيقة، كون الحقيقة هي هنا أي في الداخل وليس في الخارج، كما ادعت الفلسفة الغربية.

وفي كلا الحالتين نحن نقف في منتصف الطريق عندما ننحاز إلى هذه الفلسفة أو تلك، لأن الإنسان لا يصل إلى الحقيقة لا بالهجوم، ولا بالاستسلام، وإنما بالتداخل ما بين الحالتين. وإذا اعتبرنا الإنسان مجموعة تناقضات، تتنازعه في اللحظة والثانية، فإنه لا محالة من الوقوع في غرفة الانسجام، والبحث عن الاختراق، والتلقي في آن واحد.

لا بد من التداخل بين المتناقضين، لا بد من حدوث الاتحاد العظيم بين المتعاكسات، حتى يصبح الكمال معقولاً وحتى يتخلص الإنسان من صراعه، الذي هو سبب ضعفه، هذا الضعف الذي يقود البشرية اليوم إلى أحلام اليقظة، وإلى الأوهام، وإلى الضغينة، والكراهية، والتدمير.

الإنسان يسعى إلى تدمير الآخر، لأنه عاجز عن إحلال السلام الداخلي، ولأنه إما فكر بالاستسلام لرغبة الخمول والضعف والإحباط، أو أنه غاص في بحيرة الألم الداخلي واحتسى كثيراً من مرارة تفوقه المزعوم على الطبيعة، وبالتالي، قاده هذا الإحساس إلى التفكير بالقصاء على الغير، سعياً للتفرد، مدفوعاً بإرادة القوة، كما قال نيتشه، أو مندرجاً ضمن مفهوم الاستسلام لكي يحصل الاندماج، مع المطلق، لتحصل القوة المطلوبة.

التناغم بين القوة والضعف، مثل ما هو التناغم ما بين الذكورة والأنوثة، هو السبيل لتحقيق المنشود، من قدرة الإنسان على الوقوف أمام الكون الفسيح، من دون انكسار، أو انتحار، الإنسان الواقف عند الشاطئ، لن يغرق، لكنه لن يصطاد السمك، كما أن قد تغرق الإنسان الذاهب في العمق دون أن يأخذ بالمحاذير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرادة والاستسلام الإرادة والاستسلام



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 17:08 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

"هيونداي i30 " تتحدى مع مقاعد كبيرة وسرعة فائقة

GMT 00:39 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحقق في 3 أشهر فائضاً أولياً بـ 100 مليون جنيه

GMT 10:56 2018 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب فهمي يؤكّد أن "سيرة الحب" تتحدث عن حياة بليغ حمدي

GMT 12:07 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حاتم يقترب مِن إنهاء مَشاهده في فيلم "قصة حب"

GMT 19:02 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

للمرة الأولى فُرص عمل على "الشباب والرياضة" الجمعة المقبلة

GMT 00:15 2016 الأحد ,10 إبريل / نيسان

“النغم الشارد”

GMT 15:52 2013 الإثنين ,12 آب / أغسطس

صدور "فضيلة رائعة في مجموعة قصصية"

GMT 20:09 2013 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

مصرُ تحصدُ جائزتيّن من اتحادِ إذاعاتِ الدولِ العربيّة

GMT 04:42 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

تصميمات حمامات سباحة تناسب المساحات الصغيرة

GMT 12:55 2018 الخميس ,01 شباط / فبراير

مطعم سيروكو من أجمل المطاعم في الهواء الطلق

GMT 18:10 2014 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ورش تعليمية مكسيكية تجذب الأطفال في معرض الشارقة للكتاب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates