بعض المسؤولين

بعض المسؤولين

بعض المسؤولين

 صوت الإمارات -

بعض المسؤولين

بقلم : علي أبو الريش

بعض المسؤولين مثل غابة موحشة، عندما تدخل مكاتبهم تشعر بالانقباض، ويداهمك الغبن، وتهاجمك حالة نفسية أشبه بالمخالب التي تأكل قلبك، ويحضر يقينك على الفور، وتعرف أن هذا اليوم يحمل فألاً سيئاً، ولو كان في خاطرك حاجة تريد قضاءها، فإنك

تتلاشى وتحجم عن بوح ما في نفسك، لأن الجواب معروف وجاهز ومكتوب على جبين هذا المسؤول.

إنه سوف يتنحنح ويمط بوزه، وينظر إليك وكأنك عابر سبيل أو متسول يريد أن يسلبه ما في محفظته. وما من سبيل أمامك إلا أن تتقهقر وتذوب مثل فص الملح في ثيابك، وتعود إلى بيتك مهزوماً مكلوماً مهضوماً مثلوماً، لا تقبض غير الهواء ولا تعرف غير طريق الخواء. للأسف هؤلاء المسؤولين ناموا في المكاتب وتمسكوا في المناصب، واستولت عليهم حالة من رواية (الغثيان) لسارتر، وأصبح الوجود عدماً، والعلاقة مع الناس سراباً وليلاً مدلهماً، وحياة بلا ربيع.

هؤلاء المسؤولون كارهون غاضبون سلبيون ماليون، وفي اعتقادهم أن المنصب مكاناً للغطرسة والتكبر والتجبر، والانهمار في مغبة التزمت، ولا يوجد في ذاكرتهم مكان لتذكر يوم كانوا صغاراً، ويوم دخلوا هم على مسؤولين يطلبون ود الوظيفة.

النسيان قد يكون نعمة، عندما يخرجك من دائرة الأحزان، ويكون نقمة عندما يدخلك في شراك فشل التجارب، وعدم الاستفادة من خبرات الماضي. هؤلاء المسؤولون خرجوا ولم يعودا إلى الماضي، وأصبحوا مثل طيور فقدت مسار أسرابها، ودخلوا في صحراء التوحش، وتعلقوا بأغصان أشجار جرداء شعثاء، ولن يبالوا بما تأتي به الريح على الآخرين.

هؤلاء يقولون في أنفسهم: أنا ومن بعدي الطوفان، ولو تخيل أحدهم نفسه مكان الشخص الذي لجأ إليهم ولاذ إلى عرائنهم، لو فكروا في هذا مرة واحدة، لما اصفرت وجوههم وجحظت عيونهم وتدلت شفاههم، وارتجفت أصابعهم لمجرد دخول شخص ذي حاجة مكاتبهم.

بعض المسؤولين تمرسوا على القنوط، وتدربوا جيداً كيف ينفذون أوامر ضمائرهم، ليقولوا لصاحب الحاجة: لا يوجد (شاغر)، والحقيقة أن الشاغر غائب وإلى الأبد ليس في الوظيفة، وإنما في عقولهم التي تفرغت من كل ما هو عقلاني وأخلاقي وإنساني، هؤلاء ذهبوا بعيداً عن الحياة، فتلاشى الناس في عيونهم، ولا يرون غير أنفسهم، لا يرون غير الجدران الأربعة التي يتقوقعون بداخلها، ولا يرون سوى اللون الرمادي، متوارين خلف أنانيتهم.

الحياة جميلة، ونحن نمر في أروع الظروف، وبلادنا من أزهى بلدان العالم وأنبلها، ولكن بعض المسؤولين أطفأوا الأنوار وجلسوا خلف مكاتبهم منزوين ومكتئبين، كما تفعل الخنفساء الهاربة من البرد.
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بعض المسؤولين بعض المسؤولين



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates