بقلم : علي أبو الريش
بعض الناس يعانون لغة التغيير، لأنها تمس الكائن الداخلي المتربص والمتحسس من أي قفزة إلى الأمام، لأنه يظن أنه بعد القفزة سيقع في الحفرة ويموت. كل شيء في الإنسان يتحرك لأن الحركة هي سنة الكون، ولولا الحركة لما حدثت دورة الليل والنهار ولبقينا في الظلام الدامس. البحر بتحرك، وترتفع أمواجه، لتقذف النفايات بعيداً عن الأعماق، ولتعيش الكائنات الحية في صفاء.
رمال الصحراء تتحرك لتنظف نفسها من بقايا المخلوقات النافقة ولتصلح التربة. القمر يحل مكان الشمس، والنجوم تحل مكان القمر، ليستمر العالم تحت الضوء. الإنسان عندما لا يستطيع تحقيق الأهداف الصعبة فإنه يحلم في الحلم تحضر الأمنيات الكبيرة وتقف أمام مرآة العقل، وتقول له هأنذا هيت لك. لا بد أن نحلم، ولولا الحلم، لما تحققت الإنجازات العظيمة، ولكن البعض من اليائسين، يريدون أن يحرموا العالم من الحلم، وكذلك من الحياة.
عندما يحصل تغيير ما في بلد معين، تقوم قيامة البائسين، ويشحذون هممهم ويسنون رماحهم وينهقون وينعقون ويصبون جام غضبهم على الأرض وما عليها لماذا؟ لأن التغيير يمس ذلك المخلوق الشائه في داخلهم، ولأن التغيير يحرك المياه تجاه أثوابهم الرثة، فتطفوا الأوساخ وتنكشف عوراتهم.
التغيير حالة من الحركة، والمتقاعسون تتعبهم هذه الحركة وتنغص حياتهم، ولذلك فهم يقاومون أي تغيير، ويواجهون أي حركة نحو الأمام. في حركة مواجهة الفساد في السعودية شاهدنا مشاعر الامتعاض عند البؤساء من الناس ولمسنا تلك الجباه المتغضنة، والمصابة، بخدوش الاكتئاب، لأن هؤلاء لا يريدون لأي دولة عربية النهوض، والبحث عن الحقيقة.
الحقيقة، سكين حادة تؤلمهم وتؤذي مشاعرهم وتهز مضاجعهم وتهدم أبنيتهم العقلية، التي تسورت منذ زمن بعيد برواسب مزرية. شاهدت بعضهم على الشاشات الفضائية يرعد ويزبد وكل ما يريده هو إفساد هذه الخطوة السعودية الجريئة والنفاحة والجميلة التي أثلجت صدور المحبين والعاشقين لأي حدث يعلي من شأن أي دولة عربية.
الحاقدون والمفسدون، هم يقطنون في المنطقة الواحدة، وهي إيقاف عجلة التطور وإشاعة الخراب وبث رائحة الموت، في كل مكان. الحاقدون والمفسدون، هم رافدان لنهر ملوث بموت الضمير وانعدام الحس الإنساني. لذلك نرى كل هذا الشحن العاطفي المبطن بالأسى والبؤس والكراهية أظهره المتشائمون لأنهم شعروا بالخطر، لأن التغيير لا يعجب أعداء الحقيقة، ولا يريح أبداً الذين يتشدقون بالشعارات الصفراء والقيم البالية.