بقلم : علي أبو الريش
عندما نجد بلداً مثل إيران يسعى جاهداً، بكل ما يملك من ثروات شعبه للدخول في حلبة الصراع النووي مع الكبار، ويعمل على تسخير ثروات النفط في خدمة طموحات وهمية لا توازن بينها، وبين وضع هذه الدولة التي يعاني شعبها الفقر والمرض، وقد ضربت الأمية أطنابها في جموع الشعب الإيراني البالغ تعداده 90 مليون نسمة تقريباً.
هذا اللهاث الإيراني، ومحاولة التمدد جغرافياً وسياسياً باتجاه الجوار الجغرافي، كل ذلك يشير إلى أن الإنسان عندما تقتحمه ذرات الأنانية، فإنه مستعد على أن يرتكب أفظع الجرائم فما الذي يمنع زمرة من المتحصنين في قم، وهم لا يتجاوزون الـ (أربعمائة ألف من البشر، والذين يتحكمون بمصير الملايين من الناس الذين وضعتهم المصادفة في سجن الأيديولوجيا الطائفية، وصاروا تحت القيد الحديدي أسرى الواقع، ولا يملكون إلا الصمت، وربما يتحول هذا الصمت إلى سلاح يورانيوم يحرق أجساد من تبرعوا نيابة عن زرادشت في تحويل بلادهم إلى ثكنة عسكرية، توزع الدمار في محيطها الإقليمي، تحت ذرائع مختلفة، وهي ضرب إسرائيل، وهي لم تطلق رصاصة واحدة نحو إسرائيل، بل إن حممها العدوانية منصوبة باتجاه العرب، مستخدمة في ذلك عبواتها الناسفة من أحزاب، ومنظمات، موالية، وأصبحت المخالب التي تخربش بها إيران الجسد العربي. عقدة الأنا، والمحاطة برواسب التاريخ، ونفايات النظريات الشوفينية، هي الرماح التي تصوب بها إيران، وكل حزب أو دولة عدوانيتها تجاه الآخر، وقد يكون هذا الآخر جاراً، أو شقيقاً، فالأمر لا يعني الأنانيين، لأنهم أصبحوا خارج نطاق التغطية الشعورية، وأصبح اللاشعور يشحذ سكاكينه، ويده على الزناد، تحقيقاً لرغبات وتصورات خيالية لا تمت للواقع بصلة، وهي أن الإنسان الأناني لا يرى إلا نفسه، ومن لا يرى، سوف يدوس الإنسان، كما يسحق الحشرة، وكما يقضي على مكونات الطبيعة، التي انفصل عنها منذ أن طرح الإنسان فكرة أن الطبيعة خادمة للإنسان.
لا يستطيع المرء تخيل كيف يمكن أن تستمر حياة بعض الشعوب التي تعاني أنظمتها عقدة التفوق، أوعقدة الدونية، والأمر سيان في العقدتين، في حياة مشحونة بالكراهية للآخر، ونبذ الإنسانية، والسعي إلى تدمير كل ما يمت للحياة بصلة، فالملايين من الناس يتشظون شظفاً، ويتلظون تحت نير الفقر والمرض، وسياسة بلدانهم ذاهبة إلى جحيم الحروب الطائفية والعبثية، لا نتخيل ذلك، كما أننا لا نتخيل أن يصبح البحر نهراً، ولكن للأسف هذا يحدث في زماننا، وفي القرن الحادي والعشرين، وليس في القرون الوسطى.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد