أزمة قيم

أزمة قيم

أزمة قيم

 صوت الإمارات -

أزمة قيم

بقلم : علي أبو الريش

شاهدت فيلماً وثائقياً في إحدى القنوات الفضائية وقد راعني مشهد الذبح المجاني في بلاد اسمها أوغندا.

. في هذا البلد يقع الصراع على السلطة بين رئيس المعارضة في شمال البلاد جوزيف كوني والرئيس يوري موسيفيني.. القتل هناك يمضي بحد القيم الصدئة والإرادة البالية، والأحلام المغشية بغبار المعارك والنفوس المسعورة.. المتقاتلون من ديانة واحدة ولكن الذي يفرق بينهم موت الضمير ليذهب الملايين ضحية هذا النزاع الدموي الذي سيندى له الجبين الإنساني وتخرج من هذا المشهد بمفهوم واحد؛ أن التطرف ليس له دين وإنما هو وليد الفراغ الداخلي، فعندما تتحول الأنا إلى برميل متفجر يغيب الإنسان عن الوعي، بل إن وعيه يصبح منطقة منزوعة الحقيقة ولا حقيقة إلا موت الآخر لكي يستريح القاتل ويشعر بالظفر مستغلاً بذلك كل إمكاناته العدوانية من أجل القضاء على سواه، مستثمراً كل الذرائع والحجج لتبرير سلوكه العدواني وإشاعته كحقيقة لا ملاذ إلا إليها.

القتلة في أي مكان وأي انتماء، ديني أو ثقافي هم في النهاية من فصيلة الموت، والموت في حد ذاته لا غرابة فيه ولا اعتراض عليه لأنه النهاية الحتمية لكل مخلوق ولكن المعضلة تقع في التبرير، فعندما يبرر كائن ما أنه يقتل ليصحح وضعاً اجتماعياً ما أو دينياً فإنه بذلك يضع نفسه مكان القاضي صاحب المعايير الدقيقة التي تفصل بين الحقيقة والخيال وبين الحق والباطل، هذا القاتل لا يبحث عن شيء خارج ذاته، وإنما هو يحاول الهروب إلى مناطق قد تعينه على إطفاء النيران في داخله وهو طبعاً مفهوم خاطئ وهو عصاب نفسي، المرضى وحدهم الذين يبررون أمراضهم لأسباب سحرية تعتمد على الشعوذة وما يفعله المتطرف هو جزء من هذا الانحراف الذهني عن الحقيقة وهو التحريف الحقيقي للقيم الصحيحة.. وإلا لماذا يقدم إنسان في ريعان شبابه على تفجير نفسه ليقتل العشرات أو المئات؟

إنه يفعل ذلك لاعتناقه مفاهيم خاطئة لُقن إياها، وأصبحت في مجاله العقل هي الثوابت التي لا يحيد عنها ولكي تصحح هذه المفاهيم السوداوية والعدائية فإن الإنسانية بحاجة إلى جهد جهيد لإزاحة الظلام بنور ثقافة مضاءة بالحب أولاً وبالوعي ثانياً وبالإيثار ثالثاً.. الذين يقتلون هم أموات لأنه عندما يفقد الإنسان ضميره فلم يعد حياً وإنما هو مثل عربة قطار انتقلت من مسارها الصحيح ووصلت إلى شارع مزدحم بالناس.


المصدر : الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة قيم أزمة قيم



GMT 15:12 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

براكة... بركة الطاقة

GMT 16:04 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رواد بيننا

GMT 13:12 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

بحيرة جنيف تغتسل بالبرودة

GMT 18:55 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الكل مسافر

GMT 20:26 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ساعات معلقة فوق الغيم

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates