بقلم : علي أبو الريش
عندما تفسد النفس، يفسد الإنسان، ويفسد من حوله المحيط. النفس بيت الداء، إنْ تاهت وضاعت وباعت الثوابت، أصبح الإنسان بلا قيمة، ولا شيمة، ولا حشمة، إنه يخلع رداء الحياء، ويمضي بلا رجاء، إنه الانزواء خلف حجب المكر والخديعة والابتذال، وسوء السجايا والخصال. الشخص اللامبالي، شخص يعيش حالة اللاوعي، ويخرج من الوجود إلى الحواف، والهوامش، لأنه لا يستطيع أن يكون فاعلاً، ومتفاعلاً. بإيجابية، فهو فاقد للصدق مع نفسه أولاً، ومن ثم مع الآخرين. ولذلك تدفعه نفسه، المفسدة إلى الإفساد وإفشال أي مشروع سلام يجمع البشرية على كلمة سواء. عندما سيطر الإخوان على صانع القرار في قطر، كانوا يعرفون سيلاقي هواهم، والطيور على أشكالها تقع، وهكذا تم الزواج بين زاويتين منفرجتين، منفتحتين على الشر، متجهتين نحو غايات الإفساد، والفوضى، والعدمية، وإشاعة الخراب، واليباب، والضباب، والاحتراب والاستلاب، لأنه ما من إنسان محب لذاته يستطيع أن يكره الآخرين، ويفسد حياتهم. الحب لا يتجزأ، ومن يحب نفسه لا بد وأن يحب غيره، هذه هي طبيعة الأشياء، فقط هم الأنانيون الذين يكرهون الفرح، ويبغضون السعادة، لأنهم يفقدون هذه النعمة، ولذلك يحرمونها على غيرهم.
من يقرأ الحالة القطرية، يصل إلى منطقة قريبة من وصف هذه الحالة. في قطر هناك حاكم تلفت من حوله، فوجد نفسه ضئيلاً في مقابل الآخرين، فماذا يفعل غير أنه يبدأ في الصراخ لكي يسمع صوته، فأنشأ قناة الجزيرة التي صوبت سهامها باتجاه الأشقاء دون الأعداء، وبعد أن جاءت الجزيرة بالحصاد المر، وبعد أن مزقت، وفرقت، ويتمت، وثكلت ورملت، وجعلت، بلداناً، طرائق قددا، بذريعة البحث عن أزهار، في حقول خريف لا يأتي من بعده ربيع، مهما اشتد أوار الكذب، وتضخمت أحابيل الحيل، وتورمت الخديعة.
هذا الوهم التاريخي، فتح شهية الظامئ إلى الأنانية، المتخم بالبارانويا، والشيزوفرينيا، فمد ذراعيه لعناصر البغي والطغيان، واستخف وسف بكل القوانين الدولية، وثوابت الجيرة والأخوة، ليجدف منفرداً في محيطات موحشة ويغرق تحت وطأة أمواج متأججة، ظناً منه أن هذا التوحش سيلبسه لباس المجد والقوة والهيبة بين الدول، ونسي أن ما يفعله ما هو إلا مساحيق، تغمس وجه امرأة قبيحة.
الإخوان لهم أكثر من تجربة في كثير من الأوطان، ولم يجلبوا غير الذل والهوان، لأنهم جماعة ليس لديها مشروع أخلاقي، وإنما تقوم مبادئهم على الانحراف عن أشجار الغابة بغرض المخالفة، وإنْ لم يتحقق لهم ذلك، فإنهم يحرقون أنفسهم، ويحرقون الغابة