بقلم : علي أبو الريش
تابعت بمرارة، ما أشيع في وسائل التواصل الاجتماعي من تلفيق، وتصفيق، وتضييق للعقل وما أثير حول حديث الأستاذ سلطان العميمي، حيث التقط المغرضون والمتربصون والمتلصصون والمتخصصون في العبث، الخطأ الصحفي، ونسب إلى العميمي ما لم يتفوه به، ودقت طبول الرقص على حبال الهستيريا، من قبل من لا يعرفون للقيم الإنسانية شيمة، ولا قيمة ولا نخوة، وبدأوا في العزف على أوتار المهزلة الإعلامية. وليس دفاعاً عن العميمي، فهو جدير بالدفاع عن نفسه، لما يملكه هذا الرجل من مخزون معرفي يستحق الاحترام، وإنما دفاعاً عن الحقيقة، ودرءاً للخطر الذي يدهم كل مجتهد، وكل إنسان يفكر بصدق لترسيخ حقائق وتأكيد ثوابت وتوثيق قيم.
عندما نشر خبر المحاضرة التي ألقاها العميمي، وهو باحث ومثقف إماراتي، أسهم كثيراً في توثيق التراث وبرز من خبر المحاضرة، خطأ صحفي، وهذا أمر وارد في الصحافة، فنحن بشر وغير معصومين من الزلات والهنات، استنفر المغرضون، وكل رفع عقيرته، وراح ينبح ويشطح وينطح ويقدح ويفصح عن مدى الاحتقان، وعدم الاتزان الذي تعانيه الساحة الثقافية في المنطقة وما يكابده العقل المأزوم بضيق تنفسه.
وما آلمني حقيقة أن من تصدى للفعل المشين أولاً وفتح الأبواب على مصاريعها ليدخل الغبار والسموم، هم من بني جلدتنا، والمحسوبين علينا وإخوتنا في التراب والدم. هم من أبناء هذا الوطن، والذين سارعوا ببث القصص الخيالية، والحكايات الخرافية، وكأن هناك جريمة ارتكبت حتى تلقاها الآخرون والذين في عيونهم غبش وفي قلوبهم رعش، وفي صدورهم غش.
ما حدث جراء الخطأ الصحفي، عبر عن مدى الهشاشة الثقافية لدى هؤلاء، وعظم المأزق الأخلاقي الذي يعيشونه، والأزمة المستفحلة الساكنة في ضمائرهم. فالأخطاء الصحفية نشهدها ونقرأها في كل يوم في الصحف، وهذا أمر بدهي، فلماذا كل تلك الضجة، وكل ذلك النهيق، والنعيق والزعيق، والتمزيق للحقائق؟ لماذا رقصة الموت هذه؟ أقولها وبكل صراحة، إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مرتعاً، للمرضى، وشذاذ الآفاق، وأصحاب الأجندات.
ولكن مهما بلغ من إسعاف وتعسف وخسف ونسف ورجف وقذف، فلا يصح إلا الصحيح، ويا جبل ما يهزك ريح، وسوف يبقى المخلصون، قامات عالية، وأشجاراً سامقة لن تمسها، الأعشاب الشوكية.
حفظ الله الإمارات، وكل الذين يعشقون ترابها، ويقدرون من يسهر لأجل حماية إرثها وتراثها ومآثرها.