الأفكار المسبقة

الأفكار المسبقة

الأفكار المسبقة

 صوت الإمارات -

الأفكار المسبقة

بقلم : علي أبو الريش

قد تعشش في رأس الإنسان فكرة معينة، محددة المعالم، وتظل هذه الفكرة مسيطرة على حياة الفرد وتصرفاته، بحيث أنه لا يستطيع الفرار من قيدها، وقد تكون هذه الفكرة خاطئة في أغلب الأحيان، لكنه لا يستطيع دحضها، ولا يمكنه التخلص منها، وقد لا يملك اليقين بأنها صحيحة، لكنه يظل متمسكاً بها ويدافع عنها بشراسة، وقد يكتسب أعداءً كثيرين بسبب تمسكه بالفكرة الخاطئة، لكنه لا يجد سبباً مقنعاً للتخلي عن فكرته، كونها أصبحت هي التي تسيره، وتتحكم في آرائه وتمتلك لبه.

الفكرة قد تتمحور حول رأي الشخص في أخلاق صديق، فيرى أنه شخص يكن له كراهية شديدة، الأمر الذي يتوجب عليه الابتعاد عنه، وتحذير الناس منه ومن شروره. هذه فكرة، وهي مجرد خيال جامح اقتحم رأس هذا الشخص، وظل راسخاً مثل الوشم في الجسد، ولا يستطيع أحد أن يزيحه من «رأسه»، ولو بذل الشخص الآخر أقصى الجهد، محاولاً إقناع هذا الشخص أنه لا يكن له إلا المحبة، فهو لن يفلح في محو أثر الفكرة المسبقة، أو حتى يقلل من تأثيرها في نفس الشخص. مثل هذه الأفكار، تأتي وتتحول بعد ذلك إلى مشاعر، وتبنى عليها مواقف، وهذه المواقف قد تتطور إلى مبادئ عامة ونظريات، وتأتي تتحول بدورها إلى معتقد على ضوئه تتشكل الشخصية التي منها يحدث السلوك الإنساني بصوره العامة، التي ينتج عنها ثقافة فرد، ومن ثم ثقافة مجتمع، إذا كان الأمر يتعلق بفكرة عامة.

الآن ولو تخيلنا كيف تبني المجتمعات معتقداتها، وتصوراتها، ومن ثم ثقافتها في الحياة، سنجد أن الأخطاء التاريخية التي تلحق بهذه المعتقدات، هي نتيجة لثغرات نقشت وشمها على الذاكرة، وبفعل فاعل قد يكون مغرضاً، أو لأسباب تخص الخيال الخاطئ في النظر إلى بعض الأمور التي تهم الإنسان، وبتقادم الزمن تصبح الأخطاء حقائق، لما يتم عليها من إزاحات وتلوين، وإضافات من خيال الأجيال المتعاقبة، وبالتالي تصبح الفكرة الخاطئة صحيحة! لأن من يتلقونها لا يعرفون مصدرها ولا حقيقتها، إلا على لسان من ينقلها بعد التزيين، ولأن الأفكار المسبقة مثل دوائر الماء عندما تسقط على الأرض، فإنها تتسع رقعتها باتساع رقعة الزمن، حتى تصبح الرقعة المتسعة، محيطاً واسعاً في الذهن، لا يمكن النجاة من الغرق في أعماقه. نحن بحاجة إذاً إلى تنقية وعاء العقل بصورة دائمة، حتى لا تتخثر فيه دماء الأفكار الميتة.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأفكار المسبقة الأفكار المسبقة



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates