جدلية الماء والصحراء

جدلية الماء والصحراء

جدلية الماء والصحراء

 صوت الإمارات -

جدلية الماء والصحراء

بقلم : علي أبو الريش

ما من شيء جاء من دون الماء. وما من شيء مشى إلا وتحته الرمل والطين. الإنسان في الإمارات امتزج في الماء، حتى بدا مثل السمكة، وهذه السواعد السمر زعانفه التي يسبح من خلالها ليعبر الوجود بقوة الإرادة وجمال الذائقة وحسن التصور للحياة. لولا وجود الذائقة الفنية لدى الإنسان الإماراتي، لما استطاع أن يلون هياكل المراكب السيارة في أحشاء البحار بالأبيض الذي كان يتصدر الألواح العلوية للسفينة الغاطس نصفها في جوف الماء.

اللون الأبيض، هو التفاؤل، وهو الفرح، وهو تعبير عن نشوة الانغماس في باطن البحر، والتداخل معه بصورة تلاشي الجزء بالكل. البحر هو الذراع التي طوقت أحلام الإنسان الإماراتي، وهدهدت مشاعره ومنحته الصبر والعزيمة.

البحر هو ذلك الموال الرهيب الذي سكن قلب الإنسان، وسافر معه إلى مناطق أبعد من مدى البصر. البحر كان صارماً، ولكنه لم يكن بخيلاً، كان البحر مثل الأب الحازم، يعطي ما يحتاجه الابن، ولكن بشروط ألا يفرط الابن بالثوابت التي تجعل الإنسان، سوياً معافى من درن الانفلات، أو التعلق بخداع الموجة أو التشبث بالحياة دون التفكير بالتضحية.

أطلق الخوافون على البحر كلمة غدار ظلماً، فلم يكن البحر كذلك، بل كان مرناً إلى درجة السيولة، كان حنوناً إلى درجة احتوائه سفن العالم، دون كلل أو ملل. كان كريماً، إلى درجة أنه يسخى للإنسان بأعز ما يملك، وهي لآلئ الأعماق، كانت تدر الدر النفيس من أجل أن يرقى الإنسان ويزدان بأحلى الحلل. البحر كان عين الوجود التي ترعى الوجود الإنساني.

الصحراء، هي مزرعة الأحلام الكبيرة، وهي حقل القصائد العصماء. من هذه الصحراء جاءت أراجيز ابن ماجد وقلائد ابن ظاهر، وقبل كل ذلك برزت عبقرية زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه.

من عبقرية الصحراء، استلهم زايد الخير شخصيته الفذة والكاريزما النموذجية التي سكنت الوجدان الإنساني من دون شروط ولا مقدمات، بل بمسلمات الفطرة الصحراوية التي أنجبت زايد، كما خلدت فكر الإنسان الإماراتي على أسس طبيعية جعلته المثال للإنسان المنفتح على الآخر، كما هي الصحراء الممتدة في وجدان الكون من دون حواجز ولا جدران.

رغم التطور العمراني المذهل، يذهب الإنسان إلى الصحراء لينظف مرآته من الغبار ويغسل الزجاج الأمامي بالرمل. لا بد من عودة، فهذا هو الحنين إلى الفطرة إلى الجبلة الأولى إلى الأم الرؤوم إلى طوق الطبيعة.

الإنسان الإماراتي نهل من سمات الصحراء حتى أصبح هو والصحراء غافة واحدة تظلل صهوات الجياد وأعناق النوق. هذا هو الإنسان الإماراتي عندما يكون في قلب الصحراء يكون في صلب الوجود، يكون حاضراً إلى حد اليقظة القصوى، يكون محباً أكثر إلى الأرض، يكون عاشقاً مثل النخلة منغرساً في الأحشاء، مثل الجذر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدلية الماء والصحراء جدلية الماء والصحراء



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates