في الطريق

في الطريق

في الطريق

 صوت الإمارات -

في الطريق

بقلم : علي أبو الريش

في الطريق إلى مكان عملك، أو مركز تسوق، أو نادٍ، أو شاطئ بحري، تصادفك وجوه مختلفة، وكأنك تجول في حقل، هذا الحقل فيه الأعشاب اليابسة، وفيه الزهور اليانعة، فلا وجه واحد للحياة، هي هكذا تجمع كل المتناقضات لأنها لا تستقيم إلا بذلك.

الشارع مثل الحقل، فطالما طرقته، فعليك تقبل متناقضاته بصدر رحب، وإلا عليك أن تلزم مكانك، ولا تغادر غرفة نومك، وبذلك تكون مثل الخنفساء المحبوسة في زاوية الأبدية الميتة. عليك أن تكون جزءاً من هذا الشارع وليس الكل فيه، لتعيش هادئ البال، مرتاح الضمير.

وهذا يقودنا إلى الذين يمسكون بطرف الحياة، ويعتقدون أنهم امتلكوا زمام الكلية فيها، وبالتالي لا قدرة لهم في تقبل الآخر، ومن ثم لا استطاعة لديهم في رؤية فكرة تخالفهم، فتجدهم في ضيق وكدر عندما يلاقون المختلف، وتكون صدورهم أضيق من ثقب إبرة فلا خيط رفيه يمضي بسلاسة في النفق الضيق، ولا فكرة تدخل في وجدان الصدر المذعور من التنوع، والاختلاف.
نجد في الواقع، أشباه بشر، تحوم على رؤوسهم طيور الأبابيل، فتفزعهم، وتملؤهم رعباً من وجود لون غير اللون الأسود الذي يجثم على عقولهم.

وفي الشارع، نصادف مخلوقات مرتبكة، متوترة، زائغة البصر مرتجلة الوجدان، ولو لا قدر الله أن وقفت أمامهم في موقف، أو جاورتهم عند إشارة ضوئية، تجد القنوط يتسلق جباههم، والسخط يرتكب جريمته الكبرى على وجناتهم، تجدهم عابسين، بائسين، تطفر من عيونهم ومضات اللهب، وفي لفتاتهم تقفز شرارات الغضب، ولا تدري لماذا كل هذا السغب، والحياة بسيطة، ومفردات الوجود عفوية، مثل ضمير غزالة برية.

وهنا تقفز مقولة فرويد عن الإنسان المعاصر «أن في الإنسان بقايا عصر الغاب»، فتسكتك هذه العبارة الدالة، وتعيدك إلى قول المسيح عليه السلام «أحب المذنبين» أنها عبارة تدلك على العفوية، عندما تبرز كواقع حياة، والبراءة عندما تحمل قيم الجمالية في روح الإنسان.

الإنسان هو نفسه في كل العصور، وما يتغير هو العقل، فعندما يتلوث، يصبح كائناً وحشياً لا يقبل سواه في الغابة. عندما يفارق الإنسان إنسانيته، يكون منعزلاً، ولا ثان في مخيلته إلا هو، فهو الواحد، وهو الاثنان، فكيف سيدع مكاناً للآخر يسكن الغابة، إنه المستحيل الذي يتمشى في ذاكرة الشخص المنعزل، والشخص الذي وجد نفسه جبلاً ضخماً على جغرافية الحياة، وبالتالي لن يعيش إلا هو كما يعتقد، وكما تصوره له مخيلته المريضة.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
 نقلا عن الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الطريق في الطريق



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates