بقم : علي أبو الريش
أن تذهب بلا وعي، وأن تعيش بلا هدي، وأن يخونك السعي، فإنك تسير في الغابة، حيث الدروب شائكة، والمسالك متشابكة، والشمس مهلكة، والأحوال متهتكة، وحريتك منتهية.
سألت امرأة زوجها عن الحياة، فقال الحياة مثل المرأة، متقلبة. فغضبت المرأة وقالت لماذا لم تقل مثل الرجل؟ فأجاب لأنها أنثى. هذه حكاية بسيطة ودارت بين رجل وامرأة، لكنها تشير بالبنان إلى قضية جوهرية، مفادها أن العقل عندما تحتله كيمياء الهروب إلى الخلف، فإنه يخوض حرباً مميتة، لوضع الفواصل بين قطرات الماء التي تشكل المحيط، ويعمل على السباحة في كأي ماء. الكثير من ثوابت الناس تنقلب رأساً على عقب، لأنه لا منطق في غياب المنطق.
ونتذكر هنا قصة سيف بن ذي يزن مع كسرى، الذي استعان به بن ذي يزن لطرد الأحباش من اليمن، ولم يصدق كسرى خبراً فحشد جيشاً جراراً وتم طرد الأحباش، ولكن ماذا جرى بعد ذلك. النتيجة أن الفرس طردوا محتلاً. ليملأوا المكان الذي فرغوا منه. لا يمكن للغريب أن يكون عوناً وصوناً لكرامة، لأنه كما يقول المثل «السفينة لا تجري على اليبس»، وبخاصة إذا كان الغريب، غريباً، وعجيباً ومريباً، وله ما له من تاريخ في الطمع، والجشع، والهلع، ولا دور له في العالم سوى، تحويل بلاد الله إلى قاعات كبرى للامتفاء، بالأحزان، والأشجان.
غريب لا يعرف قيمة للإنسان إلا بتحويله وقوداً للأحقاد. هذه هي إيران، وهذه الجارة التي تعتز بها قطر، تتغنى بمآثرها، ومخابرها، لكن التاريخ، لا ينسى، وذاكرته، تتسع المحيطات، والبحار، والصحارى والجبال. فكيف لمنخل أن يخفي كل هذا الكم الهائل، من الخراب، واليباب، كيف يمكن لقطر أن تختبئ خلف الوحش؟ الذين يتحدثون عن السلام كثر، ولكن من يعيش السلام عملة نادرة.
ما يحدث في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، يضع الإنسانية أمام سؤال. ماذا تفعل إيران هناك؟ لم تبن مشفى، ولا مدرسة، ولم تمهد شارعاً، ولم تعن محتاجاً، إنها في كل مكان من أجل قتل الحياة على الأرض، وإبادة الأشجار، وتجفيف الأنهار، وتحويل حياة الإنسان إلى ملاذ للأسى والبؤس، وتمزيق الأوطان. لن تستفيد قطر من تكريس إعلام الكذب والدعاية المغرضة، لن تتحول قطر إلى دولة عظمى، بالاتكاء على خاصرة الوهم، فللحقيقة ثلاثة وجوه، الحب أولها، والتضامن مع الآخر ثانيها، وإخراج العقل من الوهم ثالثها.