المشي في الأدغال

"المشي في الأدغال"

"المشي في الأدغال"

 صوت الإمارات -

المشي في الأدغال

بقلم : علي أبو الريش

رأى أرسطو رجلاً يمسك بملعقة صغيرة، ويجلب بها الماء من المحيط، ليملأ حفرة. فتعجب وضحك، وقال ساخراً، أيها المجنون، ماذا تفعل.

كيف ستملأ الحفرة بالماء من هذه الملعقة الصغيرة؟ نظر إليه الرجل، وابتسم، ثم قال: وأنت كيف ستحيط بهذا الكون الوسيع، بهذه الرأس الصغيرة، التي لا تساوي ذرة بالنسبة للكون؟ خفض أرسطو رأسه، وترك الرجل يكمل مهمته. هذا ما يفعله كل منا عندما يعتقد أنه سيلم بالحقيقة عندما يبحث عنها في الخارج، بينما هي تكمن في داخلنا.
الحقيقة، واسعة، وشاسعة ومبهمة، ومستحيلة عندما نفكر في جلبها من الخارج.

بينما هي بسيطة، وعفوية، لو فكرنا بها، لأنها موجودة في داخلنا. نحن نهرب من الحقيقة، ونراوغ، ونخاطر، ونبتعد عن الهدف، لأننا لا نريد أن نكشف عن حقيقتنا.

هناك قوة غاشمة، في داخلنا تمنع اقترابنا من الحقيقة. هناك كائن مستبد يقف حائلاً دون خلع الحجاب الفاصل بيننا وبين والحقيقة، لأن الحقيقة تعني إبعاد المزيف، ولأن في الحقيقة نفصح، عن نوايا، وخبايا، ورزايا، وحفر عميقة، نحن الذين أوجدنا مكانها في داخلنا، لنخبئ أشياء كثيرة لو كشفنا عنها الغطاء، ستكون مؤذية لنا، لأنها ستسفر عن نقاط سوداء في حياتنا. وهذا ما كشف عنه فرويد في إمساكه باللاشعور، كونه مخزن المحرمات، التي نحن نهرب منها ولا نريد أبداً الإعلان عنها، لأنها تمثل الحقيقة الدامغة، لإنسانيتنا، الملوثة.البحث عن الحقيقة في الخارج كمن يبحث عن خاتم ذهبي في وسط الأدغال.الحقيقة هنا، الحقيقة في الداخل هي جوهرنا، وهي الأنا التي ضيعناها منذ أن دخلنا في الأفكار، ومنذ أن بسط العقل نفوذه، وأصبح السائق المخمور، الذي يقود عربة ركابها من النائمين. عندما يسيطر العقل على القلب لا يبدو في الأفق أي شعاع يدل على الطريق، لأن من سجية العقل السير في الأدغال، وفي الأدغال، هناك الطرق متشعبة، وموغلة في العتمة، فكف يستدل السائر في الظلام على خاتم ذهبي ضاع في السواد المدلهم.الحقيقة هنا في القلب، في الجوهر، لو تخيلنا عن النوم، واستيقظنا صباحاً، ونظرنا إلى هذه الأنا، سنجد الحقيقة، وسوف نرى أننا ابتعدنا كثيراً دون وعي، لأننا أردنا اللاوعي واستخدمناه كوسيلة، أي بالأحرى استخدمه العقل للهروب، بعيداً عن دائرة الضوء، لتحقيق، أغراض تخص العقل ولا تخص الإنسان. استخدم العقل ولا تجعله يستخدمك، ستجد طريقاً إلى الحياة مملوءاً، بالحب زاخراً بالسعادة. العقل هو موطن التعاسة، كونه منبت الأفكار، والأفكار، بنت الرواسب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشي في الأدغال المشي في الأدغال



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 21:45 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 20:00 2016 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

مطعم "هاشيكيو" الياباني يغرم كل من لا يُنهي طعامه

GMT 13:11 2019 السبت ,14 أيلول / سبتمبر

"جيلي الصينية" تكشف مواصفات سيارة كروس "جي إس"

GMT 05:09 2015 الخميس ,05 آذار/ مارس

انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب

GMT 05:58 2015 الثلاثاء ,10 شباط / فبراير

سلسلة "جو وجاك" الكارتونية تطل عبر شاشة "براعم"

GMT 22:28 2017 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جورجينا رزق تبهر الأنظار في أحدث إطلالاتها النادرة

GMT 21:17 2017 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

حارس نادي الشعب السابق ينتظر عملية زراعة كُلى

GMT 22:33 2013 الأحد ,28 إبريل / نيسان

"إيوان" في ضيافة إذاعة "ستار إف إم"

GMT 13:10 2013 الجمعة ,08 شباط / فبراير

الحرمان يطال 2.3 مليون طفل في بريطانيا

GMT 07:27 2020 الجمعة ,10 تموز / يوليو

"إم بي سي" تبدأ عرض"مأمون وشركاه" لعادل إمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates