بقلم : علي أبو الريش
إيران تطلق البالستي منذ انشقاق الدولة الصفوية عن «الإمبراطورية العباسية».. منذ ذلك الزمن وهذا البلد يسعى جاهداً لأن يحجز حيزاً واسعاً على الأرض وبمسميات مختلفة، ولكن المعنى واحد، وهو أن إيران تلطم الصدور لتسيل دماء الحقيقة، وتقضي على آخر نفس في الإسلام، متخذة من الذرائع والأوهام، ما يجعلها تقود الحشود من البسطاء تحت راية النزعة الدينية المشوهة، وأعتقد أن العقيدة الدينية عندما تسمح بأفكار العدوانية والكراهية لها، أخطر وأشنع وأفظع من أي سلاح فتاك، لأن تسميم الأفكار تخريب للمشاعر، ما يؤدي إلى تسرب الكربون المميت إلى العقل، ويجعله كتلة سوداء قاتمة لا ترى بالعين المجردة.
ما تفعله إيران هو إلغاء للثوابت الدينية، ونفي تام للحقائق الإسلامية، وتحويل العقل البشري إلى جرة خاوية لا تقطنها إلا ديدان ورواسب تفتك بالحياة، وتحول الإنسان إلى كائن لا يستطيع أن يعيش إلا في كهوف العزلة والاحتباس والاختناق، والبالستي الإيراني ليس إلا جزء من هذا الوهم، وعنتريات القوة الخيالية التي لا أساس لها من الواقع، لكنه يعبر عن شرور كامنة،
ويفصح عن محاولات مستميتة لخلق واقع مزعزع يغتال الفرحة في قلوب الناس، كما قضى على الأمل في نفوس الملايين من الإيرانيين الذين تهدر الأموال الطائلة من قوت يومهم، لتأليف هذه المسرحيات الهزلية التي يطلق عليها الصواريخ البالستية، ولا أعتقد أن عاقلاً يصدق أن هذه الدولة جديرة بأن تلحق بالتكنولوجيا العصرية، وتتحصن بسلاح مثل «البالستي» وهي
تعاني العجز في توفير لقمة العيش والتعليم لأكثر من ثُلث الشعب الإيراني، فأي معجزة هذه يستطيع فيها من تصمموا بالبالستي أن يحققوها لمن لم يزل يعاني ويلات العوز، ما تفعله إيران لا يليق بدولة تدعي أنها تقود حضارة آلاف السنين، وأعتقد لو أن زرادشت صحا من قبره، فسوف يصرخ مذهولاً مما يحصل في بلده الذي تمنى له أن يكون بلداً إنسانياً يضيف إلى الحضارة الإنسانية..
ما يسعد الإنسان ويخلصه من معاناته وعذاباته.. ولكن الأموات لا يعودون حتى وإنْ كانوا بمثل زرادشت أو سقراط، والأحياء مصرون على العيش في قبور الوهم البالستي والسير على أشواك الحزن التاريخي، ومهما بلغ الأمر من انفراجات تحصل بين فترة وأخرى، إلا أن العقل الباطن يجر قادة إيران إلى خطوات واسعة نحو العتمة.
المصدر : الاتحاد