عندما يُقتل إنسان

عندما يُقتل إنسان

عندما يُقتل إنسان

 صوت الإمارات -

عندما يُقتل إنسان

بقلم : علي أبو الريش

عندما يُقتل إنسان في أقصى الأرض، نشعر أن نجماً يسقط من السماء ليحرق قيمة من قيم السماوات والأرض، وعندما يفكر كائن ما أن يقتل إنساناً أياً كان دينه وعرقه، فإن الفكر البشري في خطر، وأن الحضارة الكونية تحتضر، فالقتل في حد ذاته يعني تلاشي الوجدان البشري وانهيار الثوابت، وهو في النهاية عدمية وعبثية تفسر مدى وحشية الإنسان عندما يفقد مشاعره الرحيمة، فكان الإنسان في بدء الخليقة يحمل حجراً مسنناً أو سكيناً أو فأساً ليواجه به الوحوش الضارية التي قد تهاجمه بغتة وتقضي على حياته..

وبعد أن روض الإنسان الحيوانات، مستعيناً بقدراته العقلية التي تميزه عن سائر الحيوانات، ولكن هل ألقى الإنسان مديته الحادة بعد أن أمن جانب الكائنات المتوحشة؟ بالطبع لا، لأنه عاش التجربة في صراعه مع الحيوانات، ولمّا لم يجد ما يواجهه في هذا الفصيل الحيواني التجأ إلى منافسه الأشد، وهو الإنسان الذي من دمه ولحمه، وهي سمة من سمات الصراع الحضاري البدائي، ولكن بعد النشوء والارتقاء وبعد أن اكتمل نمو العقل البشري وأصبحت هناك ثقافة ما تقنن سلوكه وتضبط علاقته مع الآخر، صار من الممكن للإنسان أن يحقق ذاته من خلال مقارعة العقل بالعقل، وصار من السهل على الإنسان أن ينجز مشروعه الإنساني من خلال التواصل مع الآخر بثقافة شفافة معتمدة على منظومة فكرية مستقاة من التجربة وخبرة القرون.

وبهذا الإنجاز استطاع الإنسان أن ينشئ حضارة إنسانية واسعة الحدقات، رفيعة البنيان، ناصعة البيان، ولكن وللأسف إن بعض البشر لا يزالون مثبتين عند مرحلة الطفولة الحضارية، هؤلاء ناكصون عند مراحل ما قبل التاريخ، ولذلك نجدهم لا يفكرون إلا في منطق القوة ولا يتصرفون إلا بسلوك الغاب، وعلاقتهم مع الآخر مبنية على الشك والريبة، كما هي علاقة الإنسان الأول مع بيئته الحيوانية، الآن نحن نشاهد دولاً متخلفة علمياً، ضئيلة حضارياً، تعاني شعوبها الفقر وويلات الجهل، ولكنها تتباهى بقوة وهمية، وكأنها صانعة المعجزات التكنولوجية في الكون.

هذه الدول تختزن كماً هائلاً من الكراهية، ما يجعلها تشعر بالريبة من كل ما يحيط حولها من شعوبها، وبالتالي فهي لا تفكر إلا في العدوان، ولا تنطلق إلا من منطلق الفكر العدمي، لأنها لا تملك ما تحتفظ به غير الخواء الثقافي..

إذاً نحن بحاجة إلى تفكير عميق وإلى تبصر يجعلنا نحمي أنفسنا من هذه الحماقات والكائنات الضالة، وخير وسيلة للدفاع هو أن نعد أنفسنا لثقافة تستوعب هذا الطوفان ولا تنحني له، تذيبه ولا تتأذى من سخونته، تحجمه ولا تنكمش أمامه، تلجمه ولا تصمت إزاءه..

والمواجهة تبدأ بثقافة «البيت الواحد»، واعتبار كل إنسان يعيش على هذه الأرض، هو جزء لا يتجزأ من عملية التثقيف الصحي، واعتبار الانتماء للوطن الواحد، هو انتماء للجسد الواحد، حينما تسقط أقنعة المزورين والمهرولين باتجاه اغتصاب الحقائق.

المصدر : الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما يُقتل إنسان عندما يُقتل إنسان



GMT 15:12 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

براكة... بركة الطاقة

GMT 16:04 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رواد بيننا

GMT 13:12 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

بحيرة جنيف تغتسل بالبرودة

GMT 18:55 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الكل مسافر

GMT 20:26 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ساعات معلقة فوق الغيم

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية

GMT 02:08 2016 السبت ,16 إبريل / نيسان

اختاري عطرك بحسب شخصيتك

GMT 10:38 2013 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

بروتوكول لإنشاء محطة لتحلية مياه البحر بقيمة 200 مليون جنيه

GMT 23:49 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

تتويج السوري عمر خريبين كأفضل لاعب في آسيا لعام 2017

GMT 11:51 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون يشيد بجهود شما المزروعي في دعم الشباب

GMT 03:12 2016 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

كعكات الموز والشوفان الصحية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates