بقلم : علي أبو الريش
الحياة هي أنت، وظروف الحياة هي غيرك، عندما توغل في ظروف الحياة، فإنك تعيش الماضي بكل قساوته وآلامه، وتعيش المستقبل بكل ما يتضمنه من قلق وتوجس وخوف، لأنك في الماضي كمن يحفر في الجبل، سوف تصاب بالجروح، وينتابك التعب.
والخوض في المستقبل، فإنك تجري وراء كلب سرق منك شيئاً ثميناً، الماضي حزين لأنه مشحون بالأحداث الدامية، والمستقبل مجهول، وأنت تريد أن تفك الودع بإمكانيات عقلك المحدود، لو تخيلت أنك تدخل غرفة مظلمة في بيت مهجور، سوف تدهمك خيالات لا حصر لها، وسوف تتوهم أن من خلف الظلمة، يتربص بك كائن متوحش، ولكن لو أمسكت بمصباح وأنرت به الغرفة، فإنك ستكتشف أن الوهم مجرد وهم، وأن لا شيء في الغرفة ما يخيف.
هذا هو الوعي، المصباح وعيك الذي استعدته، والغرفة المظلمة هي لا وعيك جاء لك من الماضي، حاملاً لك كل النفايات والفضلات والرواسب التي حملت بها عن طريق الآخرين، ماذا يفعل الوعي؟ تصور أنك تجلس في بيتك، وفجأة تسمع جلبة في إحدى الغرف، وقمت وحملت سلاحاً، واكتشفت لصاً يحاول أن يسرق ممتلكات بيتك، عندما تقبض على اللص، وأنت والأقوى، سوف يعترف لك على الفور، وتعرف من هو، ومن أين جاء، وكيف تسلل إلى غرفة بيتك، سلاحك الذي حملته هو وعيك، واللص هو لا وعيك.
عندما تعيش حياتك، فأنت تتجنب ضغط الظروف، وتتحاشى، تأثيرها على حياتك، الظروف هي مخزونك العقلي، من أحداث مرت عليك، وكمنت في اللاوعي، وأصبح تأثيرها فتاكاً، ومؤذياً، إذا لم تتمكن من اكتشافه، فإنه مثل المرض الجسدي العضال إذا لم يكن تشخيصه، سليماً، فإنه يميت.
عش حياتك، وكن في الحاضر، واعتبر اللحظة زمانك ومكانك، ولا تلتفت للزمن، فالزمن وليد العقل، والعقل كائن يستلذ في العيش بين حفر الماضي، ومستنقعات المستقبل، استخدم عقلك ولا تجعله يقود مركبتك، لأنه أعمى وأصيب بالرمد منذ أن ملأ مقلته، بالغبار، ومنذ أن حشا جوفه بالسعار.
كن واعياً، ولا تجعل العقل اللا واعي حصانك، لأنه قد يدخل بك في وسط أدغـال، وهنـاك تضيـع، وتفقـد السـيـطرة على الحصان الجامح، حياتك الآن هي الزهرة التي زهت في الصباح، فلا تدع غبار العواصف، يخطف لونها، فتـصبح باهتة بلا معنى، حياتك هي الآن، فلماذا تتوقف عن المسير، وتتلفت، إلى الوراء فسوف تقع، وقد تكون الوقعة في حفرة عميقة، لا نجاة منها.