درجة الحرارة اللاهبة لم تثنهم عن الإبداع

درجة الحرارة اللاهبة لم تثنهم عن الإبداع

درجة الحرارة اللاهبة لم تثنهم عن الإبداع

 صوت الإمارات -

درجة الحرارة اللاهبة لم تثنهم عن الإبداع

بقلم : علي ابو الريش

تدخل البيت ومكيفات الهواء تضخ صقيعها والزوجة تصيح (حرانة)، ويأتي الأبناء من الخارج، وبمعية سيارات مكيفة، وهم يلهثون وأصابعهم مثل مساحات الزجاج تطوف على الجبهات المغضنة، والخادمة في البيت تمد شفتيها مكتئبة من سوء ما تواجهه من متاعب تحت اللظى، فتتذكر أنت الذي عاصرت العريش وهفهفات الخرق المنشورة فوق الأسقف السعفية، مثل أشرعة مراكب قديمة، تتذكر أولئك الصناديد وماجدات الزمن الجميل، وهن يحلبن المواشي، ويخضضن اللبن، ويجلبن صفائح الماء من مناطق تبعد بعشرات الكيلومترات، وهن يعزفن لحن الخلود من دون أناة أو آهات، وكن هن المشرعات لخوض المسافات الطويلة من حياة لم تكن مفروشة بالورود، لكنها كانت مؤثثة بوجدان إنساني لا يعرف التأفف، ولا يخنع لقسوة الظرف، كانت الحياة لذلك الجيل موشومة بالحب والإرادة التي لا تلين ولا تستكين، كانت حياة النبلاء من نسل صحراء أنجبت عباقرة صناعة الحلم، وجهابذة تشكيل الفرح من لون النخلة الوارفة، ومن نسيج الرمل الأصفر، وعلى سيمفونية الموجة الراقصة عند سواحل الأمل والانتظار الطويل لعودة المسافر، ومجيء السواعد السمر بعد غياب من أجل بلاغة الأمنيات التي لا تحدها خدود، ولا تمنعها حرقة صيف، ولا حماقة موجة، ولا شراسة فك مفترس.

هؤلاء عندما نتذكرهم ونستعيد أمجادهم، ونستدعي العقل كي يضع مقاييسه الموزونة بالضمير الحي، نشعر بضآلة مكانتنا، وضحالة جيل استسهل الحصول على الأشياء وصار عالة على الوجود، وكلما كبر الشاب، ونضجت المرأة ازدادوا اتكالية وتقاعساً عن جلب ما يمنع عنهم الكلل، ومد اليد لولي أمر، أو كبير العائلة.

عندما نستحضر أولئك الأبطال نصغر نحن، ونبدو مثل بقايا ما تبقى من تاريخ لا نستطيع استعادته، ولو لمجرد احتفاء بما غاب وتلاشى، نشعر بتأنيب الضمير ونحن نتذكر ما أنجزه أولئك، لأننا ونحن ننظر إلى وجوه الحاضرين ينتابنا اليأس، فهؤلاء بدوا عاجزين عن صناعة ما يرفع عنهم العتب، فهؤلاء لا يريدون أن يفعلوا شيئاً، هؤلاء اتكأوا على أريكة الهواء البارد، ويخشون من العرق، ورائحته تجعلهم (بلا قيمة) أمام الزوجة أو الزوج، هؤلاء غادروا منطقة أحلام السفر الطويل، واكتفوا البقاء في المكان الذي لا يسبب العرق، هؤلاء جيل يحتاج إلى مناهج جديدة، تعلمه ماذا كان يفعل الأولون الذين واجهوا لظى الصيف وشظف الحياة.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درجة الحرارة اللاهبة لم تثنهم عن الإبداع درجة الحرارة اللاهبة لم تثنهم عن الإبداع



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates