السعادة والتعاسة

السعادة والتعاسة

السعادة والتعاسة

 صوت الإمارات -

السعادة والتعاسة

بقلم : علي أبو الريش

لماذا يمعن الناس في التعاسة؟ لماذا ينغمسون، في بركها الضحلة؟ لأن للتعاسة بريق جذاب. ما تجذبه التعاسة للتعيس، لا يحصى ولا يعد. عندما تكون في غرفة التعاسة، فكل الأطباء والمشعوذين يهرولون نحوك، يحيطونك بالتعاطف، والاهتمام، لأن الناس يريدونك ضعيفاً، ليشعروا هم بالقوة. عندما تكون ضعيفاً، فإنك لا تنافس أحداً على مال ولا منصب، ولا شيء من هذا القبيل.

في السعادة، تكون أنت متفرداً، متميزاً، مستقلاً، وقد تخلصت من الأنا ودخلت في الكلية، وتكون أنت، هو أنت ليس من ضمن الحشد.
في السعادة أنت لا تبحث عن رضى من حولك، لأنك بلا أنا، الأنا وحدها التي تبحث ابتسامة الآخرين، وعدم عدائيتهم. عندما تكون تعيساً، يكون الناس معك، وعندما تكون سعيداً يكون الناس ضدك، لأن حضور الأنا يخلق الأنانية، ولا أنا تفرح بسعادة غيرها.

يقول أينشتاين، أخطأ العلماء عندما وضعوا للحياة محورين، الزمان، والمكان، ولم يضيفوا البعد الأهم وهو، الزمكان، ولكن لو كان أينشتاين عالماً في النفس البشرية كما هو عالم في الطبيعة لأضاف بعداً رابعاً وهو الإدراك. لا يمكن أن تكتمل الحياة إلا بالأضلاع الثلاثة، وهي كذلك. عندما يدرك الإنسان ذاته، يشتد وعيه، ويعلم أن بلوغه مد التعاسة، إنما هو يقوم بالتخلي عن كونه إنساناً حراً، ويلج غابة العبودية، لكسب التعاطف والتحرر من العيون الحمراء التي تبحلق في وجهه، كونه سعيداً. لأنه لا يمكن أن يكون الإنسان سعيداً إلا إذا امتلك قدراً آفياً من الذكاء. الأغبياء هم فقط التعساء، لأنهم ارتبطوا بالحاجة المادية التي بدورها تقود الإنسان إلى البحث عن متعاطف ومتضامن، فإن تكون سعيداً، فهذا يعني أنك قررت أن تكون، ذاتك، وكينونتك، وجوهرك، ولا أن تكون المقلد، والصورة لأصل، ولا أن تكون الظل، ولا الموجة، بل أنت المحيط الذي يحمل موجاته على كتفه، ويبتسم للوجود عندما تلامس الموجات رمل السواحل.

عندما تكون أنت الفاعل، تكون سعيداً، لأنك المنجز والصانع لوجودك. عندما لا تكون جزءاً من الماضي، ولا جزءاً من التاريخ، عندما تكون في صلب الزمن الآني تكون سعيداً، لأنك في اللحظة تكون أنت، أما في الماضي، فأنت من صنيع الغير، ووظيفة الغير هي إبقائك تعيساً، لتظل ضعيفاً، ويبقى هو الأقوى.

يقول المسيح عليه السلام، لا تبني بيتاً، من الرمل، ابحث عن الحجارة. التعاسة في متناول اليد، والسعادة صعبة، وعسيرة. فإن تبحث عن السعادة، فإنك تبحث عن الجوهر، والجوهر كامن في مكان ما من داخلك، ابحث عنه تجده، في الوقت نفسه تكون قد غادرت التعاسة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعادة والتعاسة السعادة والتعاسة



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 19:42 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:03 2018 الأربعاء ,09 أيار / مايو

"بهارات دارشان" رحلة تكشف حياة الهند على السكك

GMT 11:22 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تظهر بوزن زائد بسبب تعرضها للأزمات

GMT 14:04 2013 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حامد بن زايد يفتتح معرض فن أبوظبي 2013

GMT 06:44 2012 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نشر كتاب حول أريرانغ باللغة الإنكليزية

GMT 19:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

٣ خلطات للوجه من الخميرة لبشرة خالية من العيوب

GMT 15:58 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

لوتي موس تتألق في بذلة مثيرة سوداء اللون

GMT 17:22 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فتيات عراقيات يتحدين الأعراف في مدينة الصدر برفع الأثقال

GMT 09:17 2021 الجمعة ,21 أيار / مايو

4.1 مليار درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates