الاتجاه المعاكس

الاتجاه المعاكس

الاتجاه المعاكس

 صوت الإمارات -

الاتجاه المعاكس

بقلم : علي أبو الريش

هل رأيت سمكة التونة وهي تحاول العبور إلى المحيط؟ إنها تفكر قبل كل شيء في القفز، إنها تجاهد كي تخترق السلال الصاخب للنفاذ منه إلى قلب الماء الوسيع.

القليل من هذه الأسماك ما ينجو، والغالبية العظمى تلتهمه الدببة، لأنها لا تدرك أنها تسير عكس التيار، والتيار عنيف ومضاد للحقيقة، والتونة تخونها الفطرة في كثير من الأحيان، فتقع في الفخ، فخ الطبيعة، الطبيعة بكل ما تختزنه من جمال وروعة فهي أيضاً مخادعة، ليس لأنها تفكر أن تخدع، وإنما لأن الشلال الذي يهبط من علو الجبال، لولا فعل ذلك لتجمدت المياه في صقيع المرتفعات، وخسر المحيط كثافته. لا بد للأشياء من كثافة لتستمر في الوجود، سمكة التونة تريد أن تحافظ على كثافتها لكنها عندما تتراكم في وجه الشلال تلطم بعضها بعضاً، فتخفق الأسماك الضعيفة وتفلح القوية، وتدخل في فم المحيط بدلاً من أفواه الدببة، هو نفس الحال بالنسبة للإنسان عندما يفكر في السباحة ضد التيار، فإنه إن لم يكن متسلحاً بالوعي، ومستوعباً للسباحة المعاكسة للطبيعة، فإنه يضيع في تيه المحيطات الهائلة، ويصبح سمكة تونة مكابرة.

ولكن متى تغيب الحقيقة عن الإنسان؟ الحقيقة لا تريد بحثاً، لأنها موجودة هنا، كامنة في الداخل، فقط علينا الدخول إليها، وتلمسها والوقوف أمامها بجرأة، وبالتالي تكون حاضرة، جاهزة لأن تأخذنا إلى المحيط من دون خسائر، لكن البعض يصر على إخفاء الحقيقة، يصر على الاختفاء وراء تراكماته، والاختباء تحت جبال من الأنانية. لن تنجح ما دمت تفكر في الأنا، لأن غرفة الأنا ضيقة، ومظلمة، وفيها من الطفيليات ما يضعف الروح والجسد. إنْ أردت أن تنجو وتكون قوياً، فعليك أن تتسع ويكون إدراكك بسعة المحيط، بل كن محيطاً. المحيط لا يتلوث، لأن ليس فيه أنا بل هو فضاء قد تأكل أسماكه بعضها بعضاً، لكنه يقف محايداً، الحياد في الحياة، لا يعني السلبية بل هو الإيجابية في حد ذاتها. عندما تقف محايداً في الحياة، فإنك ترى أكثر، وتبصر العالم بشكل جيد لأنك لا تندفع من داخلك، بل الخارج يأتيك وهو مطمئن، لأنك لم تزل صافياً من غير سوء، الحب الحقيقي هو حياد في الحياد، وعندما تنحاز فأنت أعمى، الأعمى فقط الذي لا يسير إلا في طريق واحد، وعندما يغلق الطريق، فقد لا يصل إلى هدفه. الحب الأناني انحياز، والانحياز قد لا يشعل النار، لكنه لا يطفئها، الحب الحقيقي صناعة الفطرة، والفطرة حيادية إلى درجة النصوع، وإلى حد السلام، مع الذات كن حيادياً تكسب سلامك، وعش في سلام يكبر حبك، وعندما يكبر الحب تختفي الكراهية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاتجاه المعاكس الاتجاه المعاكس



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 06:02 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 صوت الإمارات - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 14:45 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

"الشيكولاتة المكيسكية" أبرز وصفات لويز باركر

GMT 09:19 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

اليابان تبتكر "موبايل" قابل للغسل

GMT 16:02 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف السركال" القطريون دبروا ما حدث في بانكوك"

GMT 08:27 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

نهيان بن مبارك يفتتح معرض "السوربون أبو ظبي"

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

تسريبات تكشّف تفاصيل عن مواصفات "سامسونغ غالاكسي S10"

GMT 14:25 2015 الأحد ,25 كانون الثاني / يناير

الشارقة الدولي للكتاب يشارك في معرض القاهرة

GMT 21:15 2015 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

توم فورد يقدم عطرًا مستوحى من ازدواجية إمرأة

GMT 07:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

كتابيه لـ عمرو موسى الأكثر مبيعًا في مهرجان الكويت

GMT 08:23 2013 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مراسلو الإذاعة في ميادين مصر لرصد الاحتفالات الشعبية

GMT 14:28 2017 الجمعة ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الوجبات الخفيفة تعزز طاقة الجسم وتحميه من الجوع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates