بقلم : علي أبو الريش
الكثير من الناس، يشعرون بالضيق، لسبب من الأسباب، فيفكرون بالذهاب إلى أماكن الاستراحة، والتفريغ، للتخلص من النقاط السوداء التي لحقت بنفوسهم.
لفترة وجيزة هم يشعرون، بالاسترخاء، والفرح، ولكن هذه الراحة المؤقتة، هي مجرد سحابة، وهمية مرت على سمائهم، ولم تمطر. لماذا؟ لأن طلب السعادة من الخارج هو مثل ما يفعل شخص، رأى أفعى في طريقه إلى البيت، ولم يفعل شيئاً إزاء هذا الكائن المتوحش، سوى أنه يهرب منه، ويختبئ في مكان آمن، يظن أن الأفعى لا تصل إليه.
هذا التصرف، قد يذهب الخوف من الأفعى، لكن الأفعى لم تذهب في مكان آخر. إنها لن تزول لمجرد الهروب منها، بل قد تباغتك، في مرة أخرى وتقضي عليك.
الذين يهربون من الضيق، مثل العاشق الذي يئس من التواصل مع الحبيبة، فاكتفى برسم صورتها على الورق، وظل يتأملها، ويحدثها وكأنها فتاته الحقيقية. نحن نتضايق ويصيبنا الضجر، ونظل نبحث عن السعادة، في مكان آخر.
في الخارج، بينما هي في الحقيقة كامنة في داخلنا، الحقيقة هنا، في العمق من الأنا، ونحن نشق طرقاً بعيدة عنها بحثاً عن ذلك الإكسير الذي يجلب لنا الاتساع، ويطرد الضيق.
عندما ندرك أن التعاسة هي الطاقة المؤقتة، والسعادة هي الأصل، وهي الموجودة، وإن ما يحصل هو أن الإنسان لا يدرك أنه مخلوق من أجل السعادة، وأن كل المخلوقات الأخرى، مسخرة لإسعاده، وإذا لم يسعد الإنسان، فإن هناك خللاً في الإدراك. عندما يدرك الإنسان حزنه، يعرف سببه، ويعرف مصدره، وبالتالي يستطيع الإمساك به، والسيطرة عليه. المشكلة في الأمر، عدم معرفة الإنسان لماذا هو حزين، وقد يعلق حزنه على مصدر معين، بينما الحزن الأساسي جاء من مكان مختلف. عندما يدخل الإنسان في الداخل، عندما يتعمق في الأنا يتبين له أن السعادة هي مثل الماء العذب تحت الأرض. لكي تحصل على العذوبة، لا بد من الحفر ولا بد من التوغل في الداخل، حتى نحصل على العذوبة، حتى نجد السعادة. فلا تذهبوا بعيداً، السعادة هنا، في الداخل، الشجعان فقط هم الذين لا يخافون من الداخل.
نبحث عن المال، نبحث عن السلطة، نبحث عن المرأة الجميلة، نبحث عن البيت الفاخر، وعن السيارة الفارهة، وعندما يتوافر كل ذلك تعود حليمة لعادتها القديمة، ونعود نبحث عن السعادة، في مكان آخر، ولا ينتهي البحث؛ لأن الخارج مثل السراب، مهما تابعناه، يظل بعيداً، ويظل الشقاء، مثل ملابس داخلية بالية على جسد إنسان رفيع.