بقلم : علي أبو الريش
الأفكار المزدحمة ثقيلة، في حملها ألم، وفي التخلص منها ألم. لا شيء مثل الفراغ إنه خفيف، وشفاف، وواسع. نستطيع في وجود الفراغ أن نحمل بسهولة، وأن نتخلص من الحمل بيسر.
الناس المحملون بالأفكار، مجهدون، وتعساء، وحمقى، ومن السهل أن يقعوا، لأنهم لا يملكون التوازن. المثقلون بالأفكار، مثل المراكب، المحملة، بالبضائع الثقيلة، فهم رغم وجودهم، على سطح الماء، إلا أن احتمالية غرقهم واردة في أي وقت.
الناس المثقلون بالأفكار، هم مثل الجدران القديمة، متهالكة، ومعرضة للسقوط في أي وقت. لماذا لا يبتسم الباحثون، والفلاسفة والمفكرون؟ هؤلاء مثل شاحنات المواد سريعة الاشتعال، لا يمكن الاقتراب منهم، هؤلاء في حالة خطر دائم، لأن ما يحملون حارق وسارق للأمن. وعندما تجد شخصاً، يقابلك بنظرات عابسة، فتأكد أنه مكتنز بالأفكار ، وغالباً ما تكون أفكاراً، فاقدة الصلاحية، ولا تتناسب مع متطلبات العصر. هم يعرفون ذلك، لكنهم لا يستطيعون، التخلي عن أفكارهم، هي كل ما يملكون من زاد الدنيا.
هذه الأفكار، هي شخصيتهم، وهي بناؤهم الذاتي، وهم من دونها، لا يساوون درهماً هكذا شكلوا حياتهم، وهكذا ينظرون إلى أنفسهم، وهكذا يتعامل معهم الناس. عندما تصبح شخصيتك جزءاً من أفكارك، تضيع أنت في المظهر الخارجي، ويصبح داخلك خواء.
الإنسان السوي يجب أن تصبح أفكاره جزءاً من شخصيته، أي أن تتبعه أفكاره ولا يتبعها. عندما يكون الإنسان تابعاً لأفكاره يصبح، جامداً مثل تلف الشاي في قاع الفنجان. عندما يتبع الإنسان أفكاره، فهي التي تصنع شخصيته، هي التي تصوغ أفكاره، وهي التي تحدد مستوى وعيه.
الأفكار المتبوعة ثقيلة، لأنها تترسب في قعر الإناء، أي هناك في اللاوعي، وعندما تنبع الأفكار، من اللاوعي، فإنها تصاب بسوء الإدراك، فكيف ندرك أفكارنا؟ إننا ندركها عندما نكون، في قلب اليقظة، وعندما تكون في متناول إدراكنا. الكثير من الناس، يخطؤون، في التلامس مع القضايا الكبرى، لأنهم لا يدركون ما يقومون بفعله. فيزيد الثقل على كاهلهم، وكلما تعبوا، كلما ازداد شحوبهم، وتضاعف عبوسهم.
الأفكار القديمة أشبه بقطع الغيار الخربة، المكدسة في مخزن صغير يكبر المخزن، عندما يفرغ، من قطع الغيار القديمة، الفراغ وحده الذي يعيد الحياة لمخزن العقل. عندما نتحرر، من الأفكار القديمة، نكون أكثر فرحاً، وأكثر شفافية. الأفكار القديمة مثل البلل في جناحي طائر، إن طار لم يستطع، وإن حل أكلته الضواري.