كن أقل تكن أكثر

كن أقل تكن أكثر

كن أقل تكن أكثر

 صوت الإمارات -

كن أقل تكن أكثر

بقلم _علي أبو الريش

على الصعيد الإنساني، كلما كان الفرد أقل، كلما كان أكثر. الرغبات الكثيرة تجعلك مثل جدول فرت مياهه عن مسارها، وانتشرت على أرض بطحاء، فلا يستفيد منها ضرع، ولا يشرب منها زرع.

عندما تكون رغباتك بمستوى حاجتك، تكون أنت في صحة وعافية، فلا تضخم، ولا تورم، ولا تأزم، ولا تبرم، ولا تثلم. شذب أظافر رغباتك، تصبح أنت بلا نفايات، ولا تدع جيادك تسرج من غير لجام، فقد تطيح بك في الحفر السوداء، وتجعلك آخر الفرسان الذين يصلون إلى الهدف.
اذهب إلى الحياة بالقليل من الرغبات، تجد نفسك مضاءً بالقناعات، تجد نفسك بلا أعباء تجد نفسك أخف من جناح الفراشة.

عندما يثقل قلبك بالرغبات، تصبح أنت مثل عربة مثقلة بأحمال تفوق طاقتها، فتقع، وتهوي في السحيق. ساسة وعباقرة، طفحت عقولهم بالرغبات، فباءت خطواتهم بالفشل، وانتهوا إلى لا شيء.

السعادة تبدأ بانتهاء الرغبات، وتنتهي بطغيانها، وشراستها، وعنفوانها، وتكشير أنيابها.
نابليون العظيم، انتهت رغباته في التوسع على حساب الغير، إلى العزلة في جزيرة نائية، والإسكندر الأكبر أطاحت به الحمى، وانتهى جشعه في احتلال العالم إلى قبر ضيق في بلده مقدونيا.

هتلر الخطيب المفوّه، والعسكري الجامح هزمته لينينغراد لمجرد طموح لم يتواز مع القدرات.
نحن نسعى إلى إشباع الرغبات، وهي كالبحر، مهما بلغ جريان النهر في شرايينه، يبقى مالحاً. نحن نمضي أعمارنا في اللهاث خلف سراب الرغبات، ولا نجني غير الجفاء، والجفاف.
الرغبات مثل الحلم، تبدو واقعية في حياة النائم، ولكنها في نهاية النوم، تتبخر إلى صور فراغية، وبلا معنى.

نحن نرغب لكي نتكثر، ولا نعلم أن كثرتنا هي نهاية رغباتنا، أي أن رغباتنا هي نهاية كثرتنا، لأنه ما من كثرة إلا ويتبعها قلة، وما من قلة إلا ويصاحبها كثرة، هكذا هي الحياة، مبنية على القليل الذي يجعلك في مركز الدائرة، وكلما انتشرت، ابتعدت أكثر عن مركز دائرتك، وكلما ابتعدت، قلّ نورك وشيئاً فشيئاً ينطفئ النور، ويأتي الظلام، وتصبح أنت في العتمة، تصبح أعمى عندها تتعثر خطواتك، وتتبعثر أنت حتى تصل إلى النهايات القصوى في بنائك الشخصي، فتصبح بلا ذات، تصبح منفى الحياة، تصبح في الحياة قشة على ظهر موجة، تأخذك الموجة إلى موجة، وتترامى بين الموجات، إلى أن تقذف على الرمل مثل قوقعة خاوية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كن أقل تكن أكثر كن أقل تكن أكثر



GMT 21:31 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

كهرباء «إيلون ماسك»؟!

GMT 22:12 2024 الثلاثاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة

GMT 00:51 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

مسألة مصطلحات

GMT 19:44 2024 السبت ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هؤلاء الشيعة شركاء العدو الصهيوني في اذلال الشيعة!!

GMT 01:39 2024 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شعوب الساحات

GMT 02:47 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
 صوت الإمارات - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
 صوت الإمارات - مدحت صالح يعلن عن ألبوم جديد وتحضيرات مميزة لحفل رأس السنة

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 03:29 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

تعرفي على وصفات طبيعية لشعر صحي لامع

GMT 16:28 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

"المواصلات العامة" تكرّم موظفين من شرطة عجمان

GMT 00:46 2018 الأربعاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس العراقي يلتقي وزير الخارجية الألماني

GMT 13:30 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

خليفة و بن راشد و بن زايد يهنئون ملك بلجيكا بيوم الملك

GMT 06:06 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

جميع سيارات "BMW M" ستكون كهربائية بحلول عام 2030

GMT 22:23 2014 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

جامعة سلمان بن عبدالعزيز تطبق نظام المجالس الإلكترونية

GMT 14:46 2015 الإثنين ,27 تموز / يوليو

موقع إخباري عربي عملاق ينطلق قريبًا من أبوظبي

GMT 01:52 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

تصاميم عبايات غاية في الأنوثة

GMT 15:00 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

العاصي رواية لميادة أبو يونس رحلة من الشك الى اليقين

GMT 16:48 2016 الجمعة ,04 آذار/ مارس

أقراط العام الجاري تخطف الأنظار

GMT 04:08 2015 الخميس ,08 كانون الثاني / يناير

"الصحافيين الإلكترونيين" تقدم مشروع قانون تأسيسها في مصر

GMT 04:37 2013 الجمعة ,12 إبريل / نيسان

عواصف ربيعية تسبب ثلوجًا وأعاصير في أميركا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates