المثقف المستهلك

المثقف المستهلك

المثقف المستهلك

 صوت الإمارات -

المثقف المستهلك

بقلم : علي أبو الريش

في خضم آلة الفتك الجبارة، والحالة الإسلامية المأساوية، نقف عند نقطة التحول المطلوبة والمبتغاة، والتي أصبحت ضرورة لا ترفاً

. التصدير المتعمد والشنيع لصورة «الإسلامي» إلى العالم، لاقى ارتياحاً لدى المنظرين للخوف من الآخر والبغض، كما واجه سخطاً مبطناً خفياً من قبل مفكري الحداثة، الأمر الذي يجعل الخروج من قاع الكهنوتية مسألة مستحيلة، لأن ما من حق يسلب إلا ويحتاج إلى قوة مضادة تعيده إلى أهله، وما يتم اليوم على أرض الواقع هو استلاب للدين الحنيف، دين الإنسانية جمعاء، واغتراب المسلم عن دينه، وإذا كان معظم المثقفين

اتخذوا طريق الاختفاء خلف معاطف الصمت، والتزام الالتواء في اتخاذ المواقف التاريخية الجارحة، فإن من الطبيعي أن تعمل القوى الظلامية على نشر شراشفها البالية لتغطية ضوء الشمس، والإتيان ببدع ما أنزل الله بها من سلطان، فعندما يتحول الدين الحنيف، دين الحب والتسامح والعدل والمساواة بين البشر، إلى آلة قتل وتشريد وتنكيل على أيدي عتاة خرجوا من

كهوف تورا بورا إلى العالم بعيون لا ترى غير الظلام، وقلوب لا تشعر إلا بالضغينة، وعقول محاطة بغشاء أسود حالك، فإن الخروج من هذه الوهدة والصهد والعذاب، يحتاج إلى مثقف تنويري يقف في مواجهة الباطل بفكر يعي دوره الوطني أولاً، والإنساني ثانياً، لا نريد تنويرياً يغض الطرف عن مجازفات أهلكت الزرع والنسل، وأبادت الأخضر والأصفر، واعتمدت

منهج الإقصاء بكل الوسائل من أجل شرعنة الباطل.

المثقف الذي لا يقول كلمة الحق، في يوم الحقيقة، فإنه كائن هامد خامد لا يقل خطورة عن أولئك القتلة، لأنه لا يفكر إلا في نفسه، ومن أجل أن يمنع عن نفسه ضيم السيوف الغاضبة، فإنه ينأى بعيداً ويظل نائحاً باكياً، مسترسلاً في السخط المبطن، وهذا لا يخدم للود قضية، فالأوطان الإسلامية اليوم مهددة بضياع الهوية وشتات المنجز الحضاري، والدخول في أنفاق التهلكة والتمزق.

إنهم لن يهدأوا، ولن يطمئنوا إلا إذا أعادوا حروب الدويلات الإسلامية، ومعارك الطوائف، إلى المربع الأول، يوم أسقطت غرناطة في عهد أبي عبدالله الصغير آخر ملوك بني الأحمر، على يد فرناندو ملك ليون، وأيزابيلا الأولى ملكة قشتالة، إنهم يريدوننا كذلك ليعيدونا إلى محاكم تفتيش «إسلامية» تقصي هذا، وتفتك بذاك، ليبقى الدين الإسلامي الحنيف، كائناً مجوفاً.

البكائيات لن تنفع، والحسرات لن تشفع، الواقع الراهن يحتاج إلى الوقوف جنباً إلى جنب مع الوطن، وفيه ومنه وإليه لا خيار غير فضح الادعاء، وكبح الافتراء، وردع كهنة العصر الحديث، ومشرعي الإجرام ضد البشرية جمعاء، والله تعالى قال في تنزيله الكريم (... وخَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، ويحق لهذا الإنسان المبجل أن يعيش كريماً منعماً بوعيه الوطني وحسه الإنساني، وحبه إلى الناس أجمعين من دون تفريق أو تمزيق.


المصدر : الاتحاد

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المثقف المستهلك المثقف المستهلك



GMT 15:12 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

براكة... بركة الطاقة

GMT 16:04 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رواد بيننا

GMT 13:12 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

بحيرة جنيف تغتسل بالبرودة

GMT 18:55 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الكل مسافر

GMT 20:26 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ساعات معلقة فوق الغيم

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 11:31 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 20:33 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 21:36 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 16:17 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

خطوات تنظيف "خشب المطبخ" من الدهونوالأتربة

GMT 15:54 2015 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

أفضل 4 ألوان يمكن أن ترتديها في مكان العمل

GMT 14:13 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

وفاة البطل محمد سعد بعد تمثيل مصر في المسابقات الدولية

GMT 08:00 2012 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

وثائق ويكيليكس وأسرار الربيع العربي

GMT 16:20 2014 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"أبوظبي للسياحة" تطلق معرض "أبعاد مضيئة"

GMT 13:20 2015 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هطولا للأمطار الرعدية فى السعودية الجمعة

GMT 18:49 2016 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

لوحات ضوئية عكست حالات إنسانية ووجدانية في معرض أبو رمانة

GMT 01:53 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

Falcon Films تقدم فيلم "بالغلط" من بطولة زياد برجي

GMT 14:42 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تشيلسي كلينتون تتألق في معطف أنيق باللون الأسود
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates