بقلم : علي أبو الريش
الحب كائن أناني إلى درجة اللا أنانية.. نحن مطالبون بأن نكون كذلك لنمسك بأطراف السعادة، والتعساء وحدهم الذين يحبون من دون أنانية، ولذلك فهم يمسخون الحب معناه، ويطيحون بالحياة السعيدة، هؤلاء هم وقود الحقد والكراهية، وهؤلاء هم أعداء الحياة، فلا تستغرب أبداً أن يقدم شخص على الانتحار، أو آخر يفجر نفسه ويقتل الآخرين، لأن الذي لا يعرف قيمة السعادة لن يضع قيمة للحياة، ومن لا يقيم الحياة لن يمسك عليها، ولن يحفظها، فنحن بحاجة إلى الأنانية، لأنها تمنحنا خصوبة الروح وتعطينا المساحة الكافية لنقترب من أنفسنا، وبالتالي نقترب من الآخرين، وكلما اقترب الفرد من الآخر، كلما وجد نفسه حاضراً في الوجود، وبدوره يتكون لديه الإحساس الصادق بقيمة أن يكون موجوداً، فالشخص اللا أناني هو كائن لامبال، وهامشي، ومبتل، لأن الأنانية تعطي الإنسان مصل التعافي من الخروج من الذات إلى عالم سرمدي بلا لون ولا طعم ولا رائحة، وكم هي مزرية الحياة عندما تفيض باللامعنى، وعندما تلبس رداءً شتوياً في الصيف، وتلبس رداءً صيفياً في الشتاء اقترب من نفسك، واطلل عليها بعين يشع منها بريق التأمل ستجد في العمق كائناً صغيراً في طور النشوء والارتقاء، هذا الكائن هو أنت الحقيقي، إن خرجت للعالم من قبل أن تلمسك مخالب الواقع، وما له وما عليه من غبار فإنك سوف تنجو، وأنت بوافر الصحة والسعادة، يجب ألا نخجل من أنانيتنا، لأنها فطرتنا، ولأنها حقيقتنا، ولأننا من دون أنانيتنا لن نصبح غير أنانيين، في جميع الأحوال الذين يظهرون اللا أنانية هم في الحقيقة أنانيون حتى النخاع، وهذا ليس ذنبهم وإنما لأنهم وقعوا ضحية خديعة اجتماعية، صورت لهم أن الأنانية أمر منبوذ، وبالتالي، فهم هربوا من هذا المأزق، ليعودوا إليه من الباب الخلفي متلصصين خائفين، والخائفون ضعفاء لا يستطيعون أن يحبوا، الأمر الذي يُدخلهم في غرف الأنانية من الأبواب الواسعة، فعلى الإنسان أن يتجذر في نفسه، وأن يغوص فيها، وعندما يحدث ذلك والإنسان بطبعه جزء من الوجود يكون قد حقق التحامه بالآخر، وليس الآخر هو الإنسان، وإنما أيضاً المخلوقات الأخرى من حيوان وطير وكل ما تمثله الطبيعة.