بقلم : علي أبو الريش
في خضم الفوضى العالمية، وانفلات الزمام، وضياع البوصلة العقلانية، وغياب القانون الذي يحدد مستوى هذا الضجيج، نجد قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني يجول في المنطقة، ما بين العراق وسوريا، ويهدد، ويرعد، ويتوعد بالويل والثبور، لمن يعترض على تدخل إيران في شؤون المنطقة. لا ندري على ماذا يتكئ هذا الرجل، وأي قوة سحرية يمتلكها تجعله يتفوه بأفظع الألفاظ بذاءة وغلظة، ويهاجم العالم بفظاظة، ولا مبالاة ولا مراعاة لوضع بلاده.
نقول لوضع بلاده، التي وإن تبجح سليماني، فإن السلاح الذي تمتلكه إيران، هو من يد يهدد بقطعها، وهذا التناقض الرهيب لدولة، لم تستطع إطعام شعبها، وتقف في مواجهة العالم متحدية بصلف وكبر، وكأن هذه الدولة أصبحت اليوم دولة عظمى، لا تستطيع أي قوة في الدنيا قهرها، مع العلم أن ما تقوم به في العراق وسوريا، ليس بمحض قوة إيران، وإنما نتيجة لواقع حال عربية مضعضعة وبائسة، فتحت المحيط العربي أمام نزوات ونيات إيران وغيرها، لتلقي بكل نفاياتها التاريخية في الوعاء العربي، وتعتقد أنها فعلت خيراً، متباهية بكل تصرفاتها العبثية، وصراعاتها العدمية، التي تقوم بها فئات مخدوعة بالبريق الإيراني، مصدومة بالواقع العربي المهزوم، الذي ترك الباب مشرعاً لكل من لديه أحلام وأوهام، كي ينام على المخدة العربية، ولكن هذه الاستراحة لن تطول، ولن تذهب بعيداً، فما بني على باطل فهو باطل، والعرب اليوم، ليسوا هم عرب الأمس، أي قبل عقد من الزمن، فكل شيء تغير، وموازين القوى لن تستمر على حالها، والقوة الإيرانية المزعومة، ما هي إلا نمر من ورق، ومجموعة من العمائم لن تستطيع أن تظل جاثمة على صدور الملايين من أبناء الشعب الإيراني المكلوم، وشعوبنا العربية أيضاً لن تظل رهينة الخدع البصرية التي رسمها حسن نصرالله، ذراع إيران في المنطقة، كل شيء يتغير، وكل الغبار الذي نثرته إيران، سيزول وتنقشع الغمامة، ولابد من حقيقة تغسل شواطئ خليجنا من الملوثات، ولن يكون قاسم سليماني أقوى من الشاه، لأن الحقيقة أقوى من الخيال، وما الخيال إلا صنيع مراهقة فكرية، تهزمها الحقائق، وتطيح بجبالها الرملية، مهما علت وارتفعت، فهي أضعف من أن تصمد أمام الأدلة الموضوعية. كنت أتمنى أن يتحدث سليماني عن احتلال بلاده لأرض الغير، وألا يغرد بعيداً عن سرب الواقع، أما عن الاحتلال الإسرائيلي وقضية القدس، فالأمر واضح والقضية جلية، فلا نريد من يتحدث عن فلسطين نيابة عنا، فهي أرض عربية، شأنها شأن جزيرتي طنب الكبرى، والصغرى، وأبوموسى، هذه أراض عربية، فلن يغير من أمرها حبر الطغاة، وستعود إلى أهلها ولو بعد حين، فلن يستطيع أحد أن يغطي السماء بمنخل.