بقلم _علي أبو الريش
بعض الناس يمتلكون شخصيات مركبة، فلا تعرف لهم سمة، ولا سجية هم هكذا، بصفات متغيرة، ومختلفة في آن واحد.
هؤلاء لديهم القدرة على التلون، والتمظهر، بازدواجية مدهشة، لا تتوفر لدى كل إنسان، بل وهي تخصص، وامتياز لدى بعض الأشخاص، وهؤلاء بإمكانهم إظهار مشاعر غير التي في داخلهم، كما أنهم بإمكانهم طمس مشاعرهم، وإبراز ما هو مختلف عن إحساسهم.
ليس هذا ذكاء، وإنما هو ممارسة، وتربية، وتنشئة مرت على هؤلاء الأشخاص، جعلتهم يغيرون شخصياتهم، كما يخلعون ملابسهم، إنهم متخففون من أعباء الضمير، منسلخون من قوانين الحياة هؤلاء خرجوا على الدنيا بجلباب واحد متعدد الألوان، فلا يجدون مشقة في قلبه، على مختلف الجهات، ولا يحتاجون إلى غسل أكثر من ثوب واحد.
مثل هؤلاء الأشخاص، يستطيع أن يحب ويكره في آن واحد، ولديه الإمكانية في أن يحب أكثر من شخص، ويتعاطى مع كل شخص على أنه الحبيب الأول ولديه من بلاغة القلب، والسلب، والنهب، والكذب، والجذب، ما لا يخطر على بال بشر.
الشخصية المركبة جاءت أصلا من بيئة، أفرادها، يعيشون حياة الولع في الاختباء خلف الحجب، ولا يمكن الكشف عن شخصية من هذا النوع، حتى ولو استُخدم في الكشف، جهاز الميكروسكوب، لأن الشخصية المركبة، هي في الأساس شخصية هلامية، مطاطية، زئبقية، تراها، ولا تعرف فحواها، تقترب منها، فتهرب منك لتجدها في مكان آخر.
الشخصية المركبة، تجمع كل المتناقضات في الحياة، وهي في نهاية الأمر، بلا لون، ولا شكل، هي مثل مكب القمامة، تجمع كل مخلفات الحياة وتدلقها في شخصية واحدة، هذه الشخصية، لا تتبين معالمها، ولا توضح ملامحها هي هكذا مثل النقطة السوداء في غرفة مظلمة، هي مثل محل بيع الأدوية العشبية فأنت ترى الخضم الهائل، لأكياس مفتوحة، ولا تعلم ماهي.
الشخصية المركبة، تختال ضاحكة، حبورا، وفي لحظة انقلاب زمنية، تبدو حزينة، كئيبة، منكسرة، ثم تعود ثانية إلى حالتها الطبيعية، وما إلى ذلك من انهيار، فاستقامة، ثم انكسار وابتسامة، والحال هكذا يستمر، مع هذه الشخصية، ما يجعل كل من يقترب منها أو له علاقة بها، يشعر بالدوار، والغثيان، من شديد الدوران حول نقطة واحدة، بعدة أشكال.