بقلم : أبو الريش
الإمارات، خيط الضوء في محيط العالم، ونهر العذوبة في صحراء الكون وانسكاب الحياة، في منطقة التحول البشري، وعبق العطور في بستان الشعوب.. الإمارات، اللون السحري، يحيك قماشة الوجود ببهاء وصفاء ووفاء، وما يحدث هنا رسالة تحررها أنامل المخلصين، وينقلها النسيم إلى حيث يوجد قلب يتضور عطشاً لأجل ومضة سعادة، وإلى حيث يكون العقل متسائلاً، مستفتياً النهار، كيف تكون الشمس ساطعة في دهماء الليل، وكيف يكون القمر لامعاً في وضوح النهار،
وكيف يكون الحب مزدهراً، في زمن تهشم فيه البياض، وكيف تكون السعادة والعالم يختلج بالفوضى والضجيج واللظى.. إنها الإمارات، في المعقول واللامعقول، في المنطق واللامنطق، في الواقع وما بعده، هي العقل الذي تدبر أمره، والقلب الذي باح بسِرِّه، والروح التي تسامت، فأورقت أشجارها بالعطاء،
وأثمرت أغصانها بالسخاء، وأينعت أزهارها بعطر وحناء.. إنها الإمارات في القبل والما قبل، تشاء أن تكون المحور والجوهر، هي أول الكلمة وآخر السطر، هي بداية الجملة، ونصوع القُبلة، الإمارات في النشوء والارتقاء، نبتة الصحراء التي صارت بستاناً وأقناناً وأفناناً، وريعان حلم، وصيرورة واقع، الإمارات القارب الذي أرهق الموجة، وجاش ولعاً بالماء، الإمارات الانثيال الأزلي في غضون الأمل، والانسياب الأبدي في تلافيف الحياة، الإمارات المسافة ما بين الرمش والرمش، الإمارات الكحل والأثمد، الإمارات صوت الأبد يباري الزمن في سياقاته، وسباقاته. الإمارات قامة واستقامة وهمزة الوصل، ما بين البحر والبحر، وما بين النحر والنحر
، وما بين الفجر والفجر، وما بين السحر والسحر، الإمارات جارة الماء وساقية الصحراء، في البدء كانت وتكون اليوم واحة واستراحة، وأحلاماً تترعرع عند جفني عشاق ما ملوا الأشواق، والقصيدة أن يكون الوطن، ديواناً وألحاناً، وأشجاناً، وأطيافاً تطوف في الأحداق، كأنها أجنحة الطير السابحة في فضاءات وسماوات. هذه الإمارات، المكان والزمان، والأفنان والصولجان، الإمارات التي أفردت أشرعة البياض، فجاء العالم محيياً، مبجلاً، عاشقاً يهفو إلى حيث تسكن الزهرة في قلب البيداء، وإلى حيث تسرج النخلة خيول الانشراح.. هذه الإمارات، القلب والدرب، والصحب، والسكب، والحدب والجذب والسهب والخصب والخضب.. هذه الإمارات الحرف الساكن والمتحرك، وفاصلة مفصلة على جملة مذهلة، بل هي الرواية المجلجلة، المجللة بثيمة الإدهاش، والامتياز والاستثناء، هذه الإمارات الكتاب والشهاب، والمثل المذاب على شفتي حالمة، تتوق إلى المجد والسعد، وتمضي بالنوق نحو غايات بداية النهار، نحو سهر النجوم ويقظة الأقمار، واستفاقة المقل.. هذه الإمارات النبرة والعِبرة، والشفرة المسكونة بالمعنى والمضمون.. هذه الإمارات المنازل والمنزلة، والمناهل المكللة بغيث ونث.
هذه الإمارات، شجرة السعادة تظلل الرؤوس والنفوس