بقلم : علي ابو الريش
من يقف على المشهد في الإمارات، يجد نفسه أمام معجزة تاريخية بحق، وليس الإعجاز في التوفيق بين التضاريس الإماراتية، بل هو في توحيد القلوب، وابن الإمارات عندما يخرج من بيته إلى أي مكان، كأنه عائد إلى بيته، هذا الإحساس لا يتوافر في أي مكان في العالم، إلا عندما يشعر الإنسان أنه يسكن في بيت كبير اسمه الوطن، وهذا البيت لا يوجد إلا إذا وجد القلب الكبير الذي يهيئ للناس موئلاً في القلب، ليصبح هذا القلب هو غرفة المعيشة، التي فيها يتناول الناس أسباب حياتهم، واستمراريتها.
هكذا كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان يعطف، ويلطف ويهتف، ويملأ أوعية القلوب التي في الصدور باقة من حنان، تملأ العقل والوجدان، كان رحمه الله يمتلك كاريزما تؤهله لأن يجمع كل ألوان الطيف في خيمة واحدة، ليشكل الجميع صورة واحدة لوطن واحد لا حدود لطموحاته، ولا سدود لجداول أنهاره، وهذه هي العبقرية التي تمتع بها زايد، وهذه هي الهالة التي تميز بها زايد، ليصبح اسمه في المكان، والزمان سحابة ممطرة، تهطل على الناس أجمعين بالأمل المشرق، والفرح المتألق، والإبداع المتدفق من شرايين الأرض ومن أوردة النجمة في السماء.
هذه هي عبقرية الشيخ زايد، هذه ملكاته الفطرية، وهذه قدرة الصحراء، عندما تتفق مع إرادة الإنسان، فيسيران معاً نحو الأفق بأجنحة الأحلام الزاهية، والأيام المبهرة، والفكرة المذهلة. هذه هي عبقرية زايد في ترتيب مشاعر الناس مثلما هي أبيات القصيدة التي كتبها، مثل شلات البر، يوم كان البر مملكة النوق البيض، والركاب المعانقات لشفة النجمة، ورضاب الغيمة.
عبقرية زايد في كتابة تاريخ الإمارات، بعدد نبضات القلوب العاشقة لهذا الزعيم، المدنفة بحب الوطن، الذاهبة بالحلم إلى أبعد من السحابات الممطرة، الساكبة من دمائها لحناً إماراتياً قحاً، نبع من بطون الصحراء، لينبت في الوجدان وطناً شيمته الحب، ونخوته التسامح، ومبعثه الإيمان بأن لا قيمة للإنسان من دون ولاء لقيادة، وانتماء لوطن. هذا هو ديدن الحياة وناموس الوجود، والذين يغردون خارج السرب، إنما هم قصاصات ورقية تالفة لا تعني شيئاً.
هذه هي عبقرية زايد، سجايا من أصل السجايا، ورسخ معانيها في وجدان الإنسان الإماراتي فصارت شامة، وعلامة، ووسامة، وابتسامة، تشرق على الوجوه فتعرف أنها وجوه إماراتية، ولا سواها. هذه عبقرية زايد، الطور، والدور، والسور، والنور، والحبور، وازدهار الحلم عند قامات الباسقات، السامقات الساميات، الملهمات من نثة الغيمة، المرتشفات من سحابات الخير.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد