بقلم _علي أبو الريش
تتمزق قماشة أي مجتمع، عندما تخترقه زوجة ثانية في الأسرة، أو يبني أحد طرفي المعادلة الأسرية علاقة من خلف شباك الأسرة، أو تبدو المرأة مثل زجاجة فارغة في زاوية المنزل، أو يصبح الرجل كائناً خرافياً يطل على أفراد أسرته من عَل.
تصبح الأسرة أرضاً جدباء، عابسة، العاطفة فيها مثل جلد ثعبان انسلخ عن أصله.
عندما يصبح أفراد الأسرة، مثل غزلان فرَّت من قسورة، في غابة كائناتها صنعت من عاج.
عندما تصبح الأسرة ملاذاً للغيرة، يصبح أفرادها مطاردين بشيطان الحماقة، والحسابات الخاطئة. عندما تغادر الأسرة منطقة الحب، يصبح المنزل مثل بحر، يصفع قواقعه بسهام أمواج هوجاء.
عندما يغادر الحب الأسرة، تصبح العلاقة بين أفرادها مثل علاقة الورم الخبيث بالجسد.
عندما لا تنعم الأسرة بالطمأنينة، تحوم في المنزل ذبابة حائرة، تبحث عن ملاذها في العيون الدامعة.
عندما لا تفكر المرأة إلا في واجهات المحال الكبرى، يسقط الزوج في مستنقع الديون، ويهيم الصغار في صحراء قاحلة.
عندما يقرفص الرجل أمام التلفاز، مثل طائر يخشى البلل، تتحجر في عيني المرأة أسئلة البوح، فتقع من فوق الشجرة ثمرات قبل نضوجها.
عندما تجلس المرأة أمام الرجل، فقط لتحكي له عن جارة لها ابتاعت عقداً بمبلغ وقدره، كذا وكذا، يرتفع السكر والضغط في جسده، ويشعر أن الزمن قد حط رحاله، ومكانه مستشفى، أساوره من حلقات الورق النايلون تستدير في مرفقه.
عندما يحدق الأب في واد سحيق، والأم تنقب عن ضوء في زاوية على شفاه الجارات، يصبح الأبناء طيوراً فرَّت من سربها، وتصير الأسرة قناة عبور إلى اللا شيء.
عندما تستمرئ الأم الأكلات السريعة، ويصبح مطبخ البيت مجرد متحف تاريخي، ويصير الأبناء متخمين بدهون الدجاج المعبأ بالكربون، ويصبح الرجل متفرجاً على مباراة كرة قدم بدائية.
عندما يحدث كل هذا، لا داعي أن نسأل لماذا تتفكك أزرار القميص، ولا داعي أن نفكر في حيلة كي نوطد علاقتنا بالحياة، ولا داعي أن نشتكي من صداع في الرأس، لأن الأوطان نتيجة مباشرة للأسرة، فإن صلحت الأسرة، اشتد أزر الوطن، وارتفعت هامته عالياً. عندما تشرع الأسرة في بناء علاقة صحية بين أفرادها، يتحزم الوطن بحزام القوة، ويذهب إلى المستقبل بسواعد جامدة لا تكسرها الرياح.